شهدت فنزويلا الثلاثاء اشتباكات وإغلاقاً للطُرق احتجاجاً على مشروع الرئيس نيكولاس مادورو صياغة دستور جديد، ما فاقم الأزمة في هذا البلد، في حين تواصلت الإدانات الدولية.
فقد كررت واشنطن قلقها حيال الديموقراطية في فنزويلا بعد اعلان مادورو، وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية مايكل فيتزباتريك “اننا نعتبره خطوة إلى الوراء”.
وأضاف أنّ مشروع مادورو “بحسب المؤشرات الأولية لا يُشكّل جهداً حقيقياً نحو المصالحة الوطنية التي تحتاجها فنزويلا الآن”.
واعتبر الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية لويس ألماغرو أنّ اقتراح مادورو صياغة دستور جديد “خاطئ” و”غير دستوري” وعملية “تزوير”.
من جهته اعتبر وزير خارجية البرازيل ألويسيو نونيز أنّ مبادرة مادورو “انقلاب”، قائلاً في رسالة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إنّ “الأمر يتعلّق بخرق جديد للنظام الديمقراطي بما يتعارض مع دستور البلاد”.
ويأتي اعلان الرئيس الفنزويلي الاشتراكي عن نيته الدعوة إلى صوغ دستور جديد، بعد شهر تماما على بدء موجة التظاهرات والعنف التي أدت إلى مقتل 28 شخصا. ويُنظر الى هذا الاعلان على انه استفزاز من جانب التيار التشافي (نسبة إلى الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز).
فمنذ فجر الثلاثاء، أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية في كل أنحاء البلاد. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع في غرب العاصمة لإبعاد المعارضين.
وفي شرق كراكاس، تواجهت مجموعة من الرجال المجهولين الهوية كانوا ملثمين ومسلحين، مع الشرطة، وفقا لشهود عيان وأشرطة فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وظُهراً، دعا زعماء المعارضة إلى فتح الطرق، لكنّ العديد من الطرق كانت لا تزال مقطوعة في فترة ما بعد الظهر.
وفيما توعدت المعارضة بتنظيم تظاهرات احتجاج جديدة الاربعاء ضد مادورو، كان البرلمان وهو المؤسسة الوحيدة التي تشرف عليها المعارضة، يُناقش عواقب قرار مادورو مساء الثلاثاء.
وقال رئيس البرلمان خوليو بورغيس “علينا أن نتحرك إلى الأمام، هذا الشعب لم يستسلم ولن يستسلم”.
وكان الرئيس مادورو دعا الاثنين امام الالاف من انصاره الذين احتشدوا في وسط كراكاس لمناسبة عيد العمال في الأول من ايار/ مايو، الدعوة إلى مجلس تأسيسي.
– مجلس تأسيسي
وبحسب مادورو سيُكلّف المجلس التأسيسي صياغة دستور جديد ليحل محل دستور 1999. وهو مجلس يمثل أعضاؤه مختلف قطاعات المجتمع ولا ينتمون إلى أحزاب سياسية.
واضاف الرئيس الاشتراكي ان قسما من الأعضاء الـ500 للمجلس سيتم انتخابهم من قبل مختلف قطاعات المجتمع، وعلى سبيل المثال المتقاعدون والاقليات الجنسية وسيكون للمعوقين فيه ممثلوهم.
وتابع ان الاعضاء الآخرين “سينتخبون حسب نظام اقليمي مع طابع بلدي ومحلي”.
وسيحل الدستور الجديد محل دستور 1999 الذي اعتمد بمبادرة من هوغو تشافيز الذي كان رئيسا من 1999 حتى وفاته في 2013.
وسارعت المعارضة إلى رفض مبادرة مادورو، معتبرة انها استمرار “للانقلاب” الذي يقوم به الرئيس ضد البرلمان الذي تسيطر عليه.
وقال انريكي كابريليس أحد أبرز قادة المعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، على تويتر إنّ “مادورو يعزّز الانقلاب ويُعمّق الأزمة الخطيرة”.
واعتبر كابريليس أنّ السلطة تسعى إلى “قتل الدستور” من خلال هذه المبادرة التي تُشكل “تزويراً”، داعيا مناصري المعارضة إلى “عدم إطاعة هذا الجنون”.
وقال المسؤول الآخر في المعارضة، النائب هنري راموس أللوب، ان “الانقلاب مستمر. فما دعا اليه مادورو ليس مجلسا تأسيسيا بل مجلس (دعارة)”.
وتتهم المعارضة التي تشكل الاكثرية في البرلمان منذ الانتخابات التشريعية في كانون الاول/ ديسمبر 2015، الحكم بالقيام ب “انقلاب” منذ ألغت محكمة القضاء العليا (المحكمة العليا) سلطات البرلمان وحصانة النواب.
وامام الانتقادات الدولية، اضطرت المحكمة الى التراجع. لكن هذه المحاولة للقضاء على المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة، تسببت بموجة من الاحتجاجات اسفرت عن 28 قتيلا منذ الاول من نيسان/ ابريل كما تقول النيابة.