تتردد، أخيراً، معلومات تشير إلى أنّ المعارضة السورية تشترط رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد قبل بدء المفاوضات المرتقبة في 25 يناير/كانون الثاني الحالي، في مدينة جنيف السويسرية. وجاء في تصريحات صحافية للمنسق العام للهيئة العليا للتفاوض، رياض حجاب بعض من هذه التلميحات، التي قال فيها إنه “لا مجال لبقاء بشار الأسد وأركان نظامه ورموزه في سورية خلال الفترة الانتقالية أو في أية ترتيبات سياسية مقبلة”.
دفعت هذه المعطيات السفير الأميركي السابق في سورية، روبرت فورد، في حوار له مع “العربي الجديد”، قبل يومين، إلى تقديم نصيحة للمعارضة بتغيير تكتيكها في التعامل مع هذه المحادثات، و”التفاوض على مستقبل بشار الأسد”، معتبراً أنه “لا يمكن أن يكون رحيل الأسد شرطاً مسبقاً، بل أن يكون مستقبل الأسد على طاولة المفاوضات مع قضايا أخرى”.
في هذا السياق، يوضح عضو “الائتلاف السوري المعارض”، سمير نشار لـ”العربي الجديد”، أنّه “عندما تتوصل المفاوضات إلى حلّ سياسي، ويتم تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة، كما نص عليها بيان جنيف 1، معنى ذلك أنه فور تشكيل هذه الهيئة، يصبح الأسد خارج المرحلة الانتقالية، والمشهد السياسي السوري. أما خلال مرحلة المفاوضات، لم نشترط مسبقاً ولا حتى الآن، أن يترك الأسد السلطة مع بداية المفاوضات”.
وحول أسماء الوفد المفاوض، يؤكد نشار، أنّ ما يتداول حالياً ليس نهائياً.
ويوضح، أنّه “قبل الاجتماع المقبل الذي سيعقد بين المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي مستورا والهيئة العليا للمفاوضات، لا وضوح لما يتم تداوله عن حصول المفاوضات، وهوية أعضاء الوفد، وماهية إجراءات حسن النية التي طالب بها حجاب، التي تتضمن وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وقف الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة دور التدخل الروسي”.
ويشير إلى أنّ هذه الأمور كلها “وضعت برسم دي ميستورا، وننتظر الأجوبة”، لافتاً إلى أنّ “الهيئة أعلنت جهوزيتها، وما إن تتوضّح الأمور، نذهب إلى جدول أعمال ومحادثات جديّة وحقيقية”.
ويشير نشار إلى أن “دي ميستورا يقتضي دوره بتسهيل كل ما ذُكر، لكن يجب أن يتفق الطرفان (النظام والهيئة التفاوضية)، على صيغة مشتركة وواضحة، وكيفية تطبيق القرار 2254”. ويوضح عضو “الائتلاف”، أنّه عندما طلب دي ميستورا من حجاب أسماء المعارضة، أجابه الأخير عمّا إذا حصل على أسماء وفد النظام. وهذا يعني أنّ هناك ترتيبات، ولا يمكن للهيئة التفاوضية أن تقدم تنازلات أو تجاوب على أسئلة من دون أن تسمع أجوبة لأسئلتها”.
وكشفت مصادر في المعارضة السورية لـ”العربي الجديد”، قبل يومَين، عن أنّ فريق التفاوض الذي تم إرسال أسمائهم إلى السعودية للعمل على إنجاز الترتيبات اللوجستية وسمات الدخول إلى جنيف، هم: نشأت طعيمة، وطارق أبو الحسن، ويحيى عزيز، ومحمد زكي الهويدي، وهيثم المالح، ونذير الحكيم، وعبد الأحد اصطيفو، ونورا الأمير، وأنس العبدة، وهادي البحرة، وبدر جاموس، وسمير نشار، وسمير تقي، ونواف الفارس، وخالد محاميد، ويحيى العريضي، وتيسير رداوي، وعبد اللطيف دباغ، وأسامة غالي، وحسن حمادة، وتامر الجهماني، وعلي شحادة، وأسعد الزعبي، وزياد فهد، وعبد الكريم أحمد، ويعرب الشرع، وعلي شحادة.
ويبدو أن روسيا والنظام السوري يحاولان تعطيل المفاوضات المقبلة ميدانياً وسياسياً، أو ربما تأجيلها والمماطلة بها، من خلال الاستمرار بالمجازر ضد المدنيين السوريين، والتي كان آخرها مجزرة الطيران الروسي في معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي. وراح ضحية هذه الجريمة 70 قتيلاً وعشرات الجرحى. أما سياسياً، فجاء اشتراط النظام السوري الحصول على لائحتَين من الأسماء قبل الوصول إلى المحادثات؛ الأولى، لقائمة ما سماها “التنظيمات الإرهابية”، والثانية لأعضاء الوفد المفاوض.
وحمّل “الائتلاف” في بيان له، أخيراً، روسيا كامل المسؤولية السياسية، والقانونية، والأخلاقية عن الضحايا الذين “يسقطون بسبب عدوانها”. ودعا الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها إزاء “خرق روسيا المستمر للقانون الدولي، وانتهاكها لشرعة حقوق الإنسان، الأمر الذي يتناقض مع عضويتها في مجلس الأمن، وتصويتها إلى جانب القرار 2254”.
وحول رؤية المعارضة المسلحة لمستقبل المفاوضات المقبلة، يقول المتحدث الرسمي باسم “جيش الإسلام”، (إحدى الفصائل التي شاركت في تأسيس الهيئة العليا للمفاوضات)، إسلام علوش، إنّ “الاحتياجات المطلوبة لبدء العملية السياسية في سورية، نصّ عليها القرار الأخير لمجلس الأمن، والذي يحمل الرقم 2254 في الفقرات 12 و13 و14، والتي تتحدث عن وقف القصف، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات، وإطلاق سراح الأسرى”.
ويضيف علوش لـ”العربي الجديد”، أنه “لا بد من تنفيذ هذه الخطوات، لأنه من غير المقبول الحديث عن حل سياسي، وأهلنا يموتون من الجوع، والبرد، والقصف بالبراميل المتفجرة وغيرها من وسائل القتل والفتك التي يمارسها النظام المجرم”. ويوضح، أنّ إمكانية نجاح الحلّ السياسي “يعتمد على جدية المجتمع الدولي في الضغط على النظام المجرم لإيقاف القتل. فهذا الأخير، لا يملك أهلية للتفاوض، ولا يسيطر على أكثر من 18 في المائة من الأراضي السورية، ولا معابر لديه سوى مع لبنان، وليس له سلطة على كامل القوات التي تقاتل معه على الأرض”.
ويؤكد علوش، أنه “لا يمكن التفريط بأي من مطالب الثورة، لأنها الضمان الوحيد لحقوق الشعب السوري، وأي تفريط يعني خيانة دماء الشهداء، وخيانة للشعب، وتعريضه للإبادة الجماعية”، مبيّناً أنه “يجب أن يصدر قرار دولي تحت الفصل السابع وبمحددات زمنية واضحة، لإجبار النظام على التنفيذ، لأننا اعتدنا على المراوغة التي يتقنها النظام وحلفاؤه وداعموه”.
ويشير إلى أنّ لديه قناعة تامة بأنّ روسيا سترفض أي قرار في مجلس الأمن من ذلك القبيل، “لذلك نرى أن أفضل طريقة لإجبار النظام على القبول بالحل والالتزام به، هو السماح للدول الحليفة بتزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات لندافع عن أهلنا، وكل من يعيق ذلك هو شربك في دماء السوريين. ونحن مستعدون لتقديم كل الضمانات اللازمة والتعاون مع فريق دولي صديق للثورة لإنهاء المخاوف من إمكانية تسريب الصواريخ إلى قوى تستخدمها بشكل غير قانوني”.
في غضون ذلك، يواصل حجاب جولاته بهدف الدفع بالحل السياسي قدماً، وفكّ الحصار عن المدن وإنقاذها، إذ يلتقي حجاب وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، اليوم الإثنين. ويسعى حجاب من خلال اللقاء، إلى مواصلة العملية السياسية واستئناف المفاوضات السورية المقرّرة في 25 هذا الشهر. كما يستعرض الطرفان موضوع الاستجابة للوضع الإنساني المأساوي، ولا سيّما في المناطق التي يفرض عليها النظام حصاره”، بحسب ما جاء في بيان الدبلوماسية الفرنسية.
العربي الجديد