وتتزعم وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل المعسكر الرافض لعودة هؤلاء الأطفال تحت مبرر “التهديدات الأمنية”، ويساندها في هذا الموقف وزير المالية ساجد جاويد الذي سبق وتحمل حقيبة الداخلية، إضافة إلى وزير الدفاع بن والاس.
بالمقابل يقف وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في الخندق المؤيد لعودة أطفال المقاتلين البريطانيين في صفوف تنظيم الدولة، وسبق أن تعهد الوزير قبل أشهر بالعمل على إعادة هؤلاء الأطفال، الذين تشير أغلب الإحصائيات إلى أن عددهم لا يتجاوز الستين، من بينهم ثلاثة أيتام.
ورغم إعداد الأجهزة العسكرية والاستخباراتية لمخطط شامل لإنقاذ هؤلاء الأطفال، والتنسيق مع السلطات أو الجهات الموجودة على الأرض في سوريا والعراق، فإن الحكومة ما زالت تتلكأ بشأن هذه العملية الأمنية التي كشف عن بعض تفاصيلها، وتقوم على توفير طريق آمنة لهم من الشمال السوري، وصولا إلى محافظة أربيل العراقية، ومن هناك سينقلون إلى بريطانيا.
ولم تحسم لندن أمرها إلى حد الآن رغم توفر الكثير من الظروف المساعدة على عودة هؤلاء الأطفال، خصوصا مع عرض مجالس محلية في بريطانيا استقبالهم، والتي قدمت برنامجا متكاملا لتأهيلهم للاندماج في المجتمع، لكن كل هذه العروض بقيت معلقة.
سياسة صم الآذان التي تنتهجها الحكومة البريطانية أزعجت قيادات عسكرية بارزة في البلاد، من ضمنهم الجنرال كراييم لامب القائد السابق للقوات الخاصة البريطانية، وقاد عمليات بلاده في العراق، إذ قال في تصريحات صحفية “يجب إعادة هؤلاء الأطفال إلى البلاد، ويجب ألا يحاسبوا على ما اقترفه الكبار من أخطاء”.
وترجح بعض التحليلات أن السبب في تردد الحكومة البريطانية سياسي، ويرجع بالأساس إلى الظرفية الانتخابية التي تمر منها البلاد، فالحكومة لا تريد أن تعيب عليها الكتلة الناخبة المحافظة والمعارضة لإعادة هؤلاء الأطفال أنها سهلت عملية إرجاعهم إلى البلاد.
هذه الورقة وإن كان من المستبعد أن يستغلها حزب العمال المعارض الداعي لإعادة هؤلاء الأطفال، إلا أنه يمكن استغلالها من طرف حزب البريكست المعول كثيرا على أصوات الشعبويين ومعتنقي الأفكار اليمينية المتطرفة في السباق الانتخابي الشهر المقبل.