في خطاب ألقته يوم الخميس, سلطت هيلاي رودهام كلينتون الضوء على استراتيجية قتال الدولة الإسلامية وأظهرت فيها اختلافات واضحة مع استراتيجية الرئيس أوباما. بعض أفكارها معقولة؛ وهناك أفكار أخرى مألوفة ومعادة تم رفضها سابقا, ولا زالت تمثل مشكلة. ولكن خطابها قدم للناخبين صورة حول نظرتها للتعامل مع الإرهاب بعد هجمات باريس. المرشحون الجمهوريون قدموا أفكارا هدامة فقط مثل إغلاق المساجد ومنع اللاجئين من الدخول وإرسال الآلاف من القوات الأمريكية إلى أرض المعركة.
سجلت السيدة هيلاري بأنها أكثر جرأة من أوباما فيما يتعلق بدور أمريكا في العالم, وقد جاء ذلك في تصريحاتها لمجلس العلاقات الخارجية. وكان أداؤها أكثر وضوحا من أدائها في النقاشات الديمقراطية يوم السبت.
على خلاف الرئيس أوباما, دعمت السيدة هيلاري إنشاء منطقة حظر جوي شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية. وهذا الموقف فيه تناقض واضح مع خصومها المتقدمين للانتخابات الرئاسية. السيناتور بيرني ساندرس ومارتن أومالي كلامهما يقولان إن منطقة حظر الطيران سوف تفشل وسوف تعمق من التدخل الأمريكي. تقول هيلاري إنه إضافة إلى توفير منطقة آمنة للسوريين الهاربين من قصف بشار الأسد وقطع خطوط إمداد الدولة الإسلامية, فإنها سوف توفر رافعة للولايات المتحدة في التفاوض مع روسيا ودول أخرى للوصول إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية السورية.
منذ بداية الحرب عام 2011, رفضت إدارة أوباما مقترحات لإنشاء منطقة حظر طيران لأنها سوف تتطلب التزاما عسكريا كبيرا يتمثل في ضرب دفاعات الأسد الجوية وتسيير دوريات أمريكية جوية ووضع قوات على الأرض لحماية المنطقة واللاجئين.
في الماضي, قال المسئولون الأمريكان أنه ليس هناك أي أساس قانوني لمثل هذا التحرك. قالت هيلاري إن منطقة الحظر الجوي يجب أن يتم فرضها من قبل تحالف من عدد من الدول. وعبرت عن تفاؤلها بأن روسيا, الذي عقد تدخلها من المجال الجوي في سوريا, سوف تتعاون. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت روسيا يمكن أن تقوم بذلك فعلا, وهناك الكثير من علامات الاستفهام الأخرى التي يجب أن نجد لها جوابا.
رفضت هيلاري فكرة إرسال أعداد كبيرة من الجنود الأمريكان إلى الشرق الأوسط, كما طالب الجمهوريون. السيناتور ليندساي غراهام سوف يرسل 10000 جندي أمريكي إلى الشرق الأوسط. أما جيب بوش فقد دعا في خطاب يوم الخميس إلى أن ترسل الولايات المتحدة من خلال تحالف تقوده قوات برية إلى المنطقة لمواجهة الدولة الإسلامية “بقوة كبيرة”.
هيلاري, وفي جميع الأحوال, تفتح الباب لدور أكبر وأكثر تسارعا في المنطقة. حيث قالت بأن 50 جنديا من القوات الخاصة الأمريكية الذين وافق الرئيس أوباما على إرسالهم إلى سوريا ربما لا يكون عددا كافيا. كما قالت إن 3500 جندي أمريكي في العراق يعملون كمدربين ومستشارين سوف يعطون مرونة أكبر للعمل على خطوط الجبهة مع الجيش العراقي.
ربما كان خلافها الأكبر مع سياسات أوباما هو الإعلان بأن القتال في سوريا لم يعد من أجل إسقاط الأسد في المقام الأول بل يجب التركيز على الدولة الإسلامية – داعش. حيث قالت “لدينا أولويات. علينا أن نجعل الناس يواجهون العدو المشترك المتمثل في داعش”. ولكن من غير الواضح كيف سوف يؤثر ذلك على دعوتها لتشكيل تحالف أكثر قوة ضد الدولة الإسلامية, لأن تركيز السعودية وتركيا منصب منذ فترة طويلة على إسقاط الأسد .
من المشجع أن نسمع هيلاري وهي تطالب بصراحة تركيا وهي حليف الناتو بأن تغلق حدودها سلهة الاختراف, والتي تمثل القناة الرئيس لمرور مقاتلي داعش إضافة إلى مبيعات السلاح والنفط, ووقف قصف الأكراد السوريين الذين يقاتلون داعش. كما وعدت بممارسة الضغط على حكومة العراق لتسليح السنة والأكراد, الذين يعتبرون عاملا رئيسا في القتال ضد داعش, وإلا فإن واشنطن هي من سوف يقوم بذلك.
لقد بينت تماما رغبتها في هزيمة المتطرفين, وعلى الدول السنية, وخاصة السعودية أن توقف مواطنيها عن دعم المتطرفين وأن تعالج الظروف التي يستغلها المتطرفون, وخاصة الفقر والقمع والفساد.
في اللحظة التي تكون فيها مسائل الأمن القومي ملحة, فإن كلينتون تقدم للناخبين وللمرشحين الآخرين في الحزبين الكثير الكثير من الأمور ليفكروا وينتاقشوا فيها.
التحرير – نيويترك تايمز
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي