تواصل قوات “سورية الديمقراطية”، التي تشكّل قوات “حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري، توسيع مناطق سيطرتها في ريف منبج شرق حلب، بغطاء جوي من طيران التحالف الدولي، على حساب تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) الذي يتراجع، تدريجياً، أمام القوات المهاجمة. ويتزامن ذلك، مع اشتباكات بين التنظيم وقوات النظام السوري التي تحاول بدورها مع المليشيات الداعمة لها، تحقيق تقدم على طريق إثريا ـ الطبقة الذي يصل مناطق سيطرة النظام في بلدة إثريا ومحيطها بريف حماة الشرقي مع مناطق سيطرة “داعش” في مدينة الطبقة وريفها جنوب غرب الرقة.
وتؤكد مصادر ميدانية لـ”العربي الجديد” تمكُّن قوات “سورية الديمقراطية” من السيطرة، أمس الإثنين، على قرية عون الدادات الواقعة على ضفة نهر الساجور في ريف منبج الشمالي. كما سيطرت على طريق منبج جرابلس في المنطقة الممتدة من قرية عون الدادات حتى أربع كيلومترات جنوباً باتجاه منبج، لتصبح هذه القوات على بعد ستة كيلومترات فقط من مدينة منبج التي يتحصّن بها “داعش”.
وجاءت هذه التطورات، أمس الإثنين، في ريفَي منبج الشمالي والشرقي بعد يوم واحد من تحقيق قوات “سورية الديمقراطية” تقدماً كبيراً على جبهات القتال في ريف منبج الجنوبي، إذ سيطرت على أكثر من عشر قرى ومزارع شمال بلدة أبو قلقل التي استعادتها، أول من أمس الأحد، لتصبح هذه القوات على بعد أقل من أربعة كيلومترات من مدخل مدينة منبج الجنوبي، إثر سيطرتها على نحو ستة كيلومترات من الطريق الذي يصل منبج ببلدة الخفسة بريفها الجنوبي.
وعلى الجبهة الشرقية في ريف منبج الشرقي، أحرزت قوات “سورية الديمقراطية” مزيداً من التقدم على الطريق الذي يصل مدينة منبج بقلعة نجم، لتصبح على بعد أقل من عشرة كيلومترات من مدينة منبج من الجهة الشرقية، وذلك بعد وصول تعزيزات كبيرة من مليشيا “جيش الصناديد” المنضوية في قوات “سورية الديمقراطية”. وتتألف “جيش الصناديد”، في معظمها، من مقاتلين من عشيرة شمّر العربية التي تسكن منطقة الجزيرة السورية، بزعامة الشيخ القبلي حميدي دهام الجربا، ورئيس إقليم الجزيرة في نظام الإدارة الذاتية الذي يدير من خلاله حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مناطق سيطرته شمال سورية.
وتبدو الاستراتيجية العسكرية التي تتبعها قوات “سورية الديمقراطية” في هجومها على منبج عالية النجاعة، وفقاً لمراقبين، نظراً إلى أنّ هذه القوات نجحت حتى الآن بحرمان “داعش” من خطوط إمداده التي تصل مدينة منبج بمناطق سيطرته في محيطها من ثلاث جهات. وبات التنظيم محروماً من أي خطوط إمداد له نحو منبج من جميع الجهات، باستثناء الجهة الغربية التي يبدو أن قوات “سورية الديمقراطية” تتعمد تركها مفتوحة للتنظيم لتتمكن عناصره من الانسحاب بشكل سريع حين تحين ساعة اقتحام المدينة.
كما استطاعت قوات “سورية الديمقراطية” فصل عناصر داعش التي تتواجد في مدينة منبج عن باقي قواته في مدينة جرابلس شمالاً، ومدن، وبلدات الخفسة، ودير حافر، ومسكنة جنوباً التي يسيطر عليها “داعش”. وبذلك تكون قوات “سورية الديمقراطية” قد حرمت، بفضل تقدمها السريع، التنظيم من جميع خطوط إمداده الفعّالة نحو منبج.
وساهمت غارات التحالف الدولي لمحاربة “داعش” بدعم تقدم قوات “سورية الديمقراطية” السريع في ريف منبج. ولم تنفع أساليب التنظي في تضليل طيران التحالف الدولي الذي نفّذ، خلال الأيام الأخيرة، عشرات الغارات الجوية التي أجبرت التنظيم على الانسحاب من مناطق استراتيجية، كان يتمسك بالسيطرة عليها.
وبثّ نشطاء مقرّبون من قوات “سورية الديمقراطية”، أول من أمس الأحد، صوراً تُظهر أسلحة مزوّرة، وهي عبارة عن مجسّمات لمدافع عسكرية ورشاشة صنعها التنظيم، ووضعها في أماكن معيّنة على جبهات القتال في محيط بلدة أبو قلقل، قبل خسارته السيطرة عليها بهدف تضليل طيران التحالف الدولي لتكتشفها قوات “سورية الديمقراطية” بعد سيطرتها على البلدة.
على صعيد آخر، فشلت قوات النظام السوري في تحقيق أي تقدم جديد يُذكر على محاور القتال على الحدود الإدارية بين محافظتَي حماة والرقة على طريق إثريا ـ الطبقة الذي تحاول قوات النظام السيطرة عليه لتدخل إلى محافظة الرقة السورية التي يسيطر عليها “داعش”، وتقترب من مدينة الطبقة في ريف الرقة الجنوبي الغربي.
وصدّ التنظيم هجوماً جديداً شنّته قوات النظام ومليشيا “صقور الصحراء” المكوّنة من مقاتلين سوريين موالين للنظام، أمس الإثنين، إذ تمكّنت عناصر التنظيم من السيطرة على قرية بير أبو العلاج على بعد نحو خمسة وثلاثين كيلومتراً إلى الشرق من بلدة إثريا التي تسيطر عليها قوات النظام شرق حماة، قبل أن تنجح قوات النظام في استعادتها، لتضمها إلى قرية بير إمباج المجاورة لها. وسيطرت قوات النظام على هذه القرية الأخيرة، أول من أمس الأحد، لتثبّت قوات سيطرتها على نحو أربعين كيلومتراً من الطريق الذي يصل بلدة إثريا بمدينة الطبقة بريف الرقة الجنوبي الغربي.
وبذلك، أصبحت قوات النظام على بعد نحو خمسين كيلومتراً من مدينة الطبقة الاستراتيجية. وبالتالي، بات التنظيم مهدداً بخسارة مناطق شاسعة في ريف الرقة الجنوبي الغربي، خصوصاً مع انشغال عناصره بقتال قوات “سورية الديمقراطية” في ريف حلب الشرقي.
العربي الجديد