تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي التابعان للأمم المتحدة، إلى أن محصول القمح السوري ارتفع إلى 1.8 مليون طن في 2017، بزيادة 12% عن المستوى المتدني للعام الماضي، غير أنه لا يزال أقل من نصف مستويات إنتاج ما قبل الحرب. وعزت المنظمتان خلال آخر تقرير لهما، أسباب زيادة الإنتاج، إلى تحسن الأمطار وإمكانية الوصول إلى بعض الأراضي الزراعية التي كانت مواقع وساحات قتال، مشيرة إلى أنه لا تزال العقبات الرئيسية هي ارتفاع التكلفة أو عدم توافر مستلزمات الزراعة من بذور وأسمدة، وتدمير البنية التحتية.
وقال ممثل “فاو” في سورية، أدم ياو، إن هناك حاجة لتقويم وتقدير الكمية التي تستطيع حكومة نظام بشار الأسد أن تشتريها هذا الموسم، لأن الاتجاه العام هو التجارة عبر الحدود، وأن جزءاً من القمح الذي ينتج في الحسكة على سبيل المثال يذهب للعراق وتركيا المجاورتين.
ويقول مدير مؤسسة الحبوب بالمعارضة السورية، حسان محمد، إن سبب الزيادة في إنتاج هذا العام، ليس لتحسن ظروف الزراعة وتوفير مستلزمات الإنتاج، بل جاء نتيجة زيادة الأمطار في وقت زراعة موسم القمح.
وتوقع محمد في تصريحه لـ “العربي الجديد” أن يستلم نظام الأسد نحو مليون طن هذا العام، في حال كانت التنظيمات الكردية تشتري قمحاً لصالحه، خاصة في مناطق الجزيرة السورية (الحسكة، الرقة ودير الزور)، على اعتبار أنها الأكثر إنتاجاً بسورية، في حين لم تشتر المعارضة حتى الآن أكثر من 25 ألف طن من المناطق المحررة المقدر إنتاجها بنحو 300 ألف طن، وذلك بسبب عدم وجود سيولة مالية لدى المؤسسة المعارضة التي لم تتلق دعماً لشراء محصول الحبوب منذ عام 2014، على حد قول مدير مؤسسة الحبوب.
وحول تهريب القمح للدول المجاورة، يضيف مدير مؤسسة الحبوب: “لا أعتقد أن تتم عمليات التهريب لتركيا التي تغلق حدودها كاملة مع سورية أو حتى للعراق، لأن أسعار شراء الحبوب بسورية لا تقل عن الدول المجاورة”، لافتاً إلى أن نظام الأسد سعّر شراء القمح من المزارعين هذا العام بنحو 140 ألف ليرة للطن والمعارضة بنحو 145 ألف ليرة.
ويبلغ متوسط إنتاج سورية من القمح قبل الحرب نحو مليوني طن، تكفي حاجة سورية من الاستهلاك مع تصدير الفائض منه، أما اليوم فإن 90% من القمح الذي تحتاجه سورية يتم تأمينه من خلال الاستيراد، وذلك بسب خروج العديد من المناطق الزراعية عن السيطرة وغلاء مستلزمات الإنتاج والمخاطر جراء الحرب وقصف طيران بشار الأسد.
وتشير مؤسسة تجارة وتصنيع الحبوب التابعة لحكومة الأسد، إلى أنه خلال العام 2016 تم استيراد حوالي 1.3 مليون طن من القمح من روسيا، وهذا العام 2017 تم التعاقد لاستيراد مليون ونصف المليون طن من القمح أيضاً من روسيا.
وذكرت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب التابعة للنظام السوري أخيراً، أنها اعتمدت آلية جديدة لاستيراد وشراء القمح تمثلت بعدم فتح اعتماد مستندي، على أن يتم التسديد لكل شحنة قمح عند ورودها في اليوم التالي لوصولها للمرافئ السورية، خاصة أن السداد يتم بالليرة السورية.
وأضافت المؤسسة خلال بيان اطلع عليه “العربي الجديد” أن الآلية الجديدة تحقق وفراً بمبلغ يعادل 200 ألف دولار تمثل نفقات فتح الاعتمادات المستندية التي كان من المفترض أن تُدفع من قبل مؤسسة الحبوب، مشيرة إلى أن عملية فتح الاعتماد ترتب على المؤسسة 1 دولار لكل طن كنفقات فتح الاعتماد داخل سورية تُدفع للمصارف.
وبينت المؤسسة أن الهدف من هذه الآلية الجديدة عدم ضياع الوقت بانتظار فتح الاعتماد الذي كان يحتاج لفترة وصلت في التعاقدات الأخيرة إلى ثلاثة أشهر، إضافة إلى الاستفادة من طاقات الموانئ السورية في فترة الصيف للعمل على تأمين مادة القمح المستورد وفق الحاجة.
صدى الشام