اختفت طائرة تابعة لشركة مصر للطيران تقل 66 شخصا من على شاشات الرادار فوق البحر المتوسط جنوبي اليونان خلال رحلة من باريس إلى القاهرة يوم الخميس وقالت أثينا إن الطائرة انحرفت في الجو قبل أن تهوي وتختفي.
وذكر التلفزيون اليوناني الرسمي إنه عثر على حطام طائرة في البحر خلال عمليات البحث عن الطائرة وهي من طراز أيرباص أيه320. وفي وقت سابق قال مسؤولون يونانيون إنه عثر على قطع بلاستيكية وسترتي نجاة على سطح الماء على بعد 230 ميلا جنوبي جزيرة كريت.
وامتنع المسؤولون عن التكهن بأسباب الاختفاء أثناء عملية البحث. وقال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل إن من المبكر جدا استبعاد أي تفسير للحادث بما في ذلك تعرضها لهجوم.
ويذكر الحادث بتحطم طائرة روسية في شبه جزيرة سيناء المصرية العام الماضي والذي قالت دول غربية إنها أسقطت جراء هجوم إرهابي.
لكن برغم الحذر قال وزير الطيران المصري شريف فتحي إن احتمال أن يكون هجوم إرهابي وراء اختفاء الطائرة أكثر ترجيحا من وجود خلل فني.
وفي واشنطن قال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما تلقى إفادة حول اختفاء الطائرة من مستشار الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.
وفي أثينا قال وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس إن الطائرة انحرفت في البداية بمقدار 90 درجة يسارا قبل أن تستدير بمقدار 360 درجة باتجاه اليمين. وبعد هبوطها من ارتفاع 37 ألف قدم إلى 15 ألف قدم اختفت من على شاشات الرادارات اليونانية.
ونشرت اليونان طائرات وفرقاطة بحرية في المنطقة للمشاركة في جهود البحث. وقال مصدر بوزارة الدفاع اليونانية لرويترز في وقت سابق إنه تم رصد جسمين يطفوان ولونهما أبيض وأحمر في منطقة بحرية على بعد 230 ميلا جنوبي جزيرة كريت.
وأشار رئيس هيئة الطيران المدني اليونانية إلى أن الطائرة لم ترد على الاتصالات من مراقبي الحركة الجوية اليونانيين قبل مغادرتها للمجال الجوي للبلاد واختفت من على شاشات الرادار بعد ذلك بقليل.
ولا توجد أي إشارة رسمية حول ما إذا كان اختفاء الطائرة ناجم عن خلل فني أو أسباب أخرى ربما من بينها عمل تخريبي نفذه متشددون إسلاميون الذين استهدفوا مطارات وطائرات ومواقع سياحية في أوروبا ومصر وتونس ودول أخرى في الشرق الأوسط على مدى السنوات القليلة الماضية.
وقالت مصر للطيران إن الطائرة المختفية تقل 66 شخصا هم 56 راكبا بينهم طفل ورضيعان وطاقم من سبعة أشخاص بالإضافة إلى ثلاثة من أفراد الأمن.
وذكرت الشركة في بيان أن الطائرة تقل 30 مصريا و15 فرنسيا بالإضافة إلى بريطاني وبلجيكي وعراقيين اثنين وكويتي وسعودي وسوداني وتشادي وبرتغالي وجزائري وكندي.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يستبعد وجود عمل إرهابي وراء الحادث قال رئيس الوزراء إسماعيل للصحفيين “لا نستطيع أن نستبعد أي شيء في الوقت الحالي أو نؤيد شيئا. يجب أن تنتهي كل إجراءات البحث كي نعرف ما هي الأسباب.”
وفي باريس قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند أيضا إن السبب لا يزال غير معروف.
وأضاف “للأسف المعلومات المتوفرة لدينا… تؤكد لنا أن الطائرة سقطت وفقدت.”
ومضى يقول “لا يمكن استبعاد أي فرضية أو تأييد واحدة على حساب الأخرى.”
ومصر مقصد سياحي هام نظرا لمواقعها الأثرية والمنتجعات المطلة على البحر الأحمر. وتأثرت صناعة السياحة بشدة في أعقاب سقوط الطائرة الروسية التابعة لشركة متروجيت في أكتوبر تشرين الأول ومقتل كل ركابها البالغ عددهم 224 شخصا. وساهمت أعمال العنف وسلسلة التفجيرات التي يشنها متشددون إسلاميون في الأمر.
* لا رد
قال كوستاس ليتزيراكيس رئيس هيئة الطيران المدني اليونانية إن المراقبين الجويين تحدثوا مع الطيار فوق جزيرة كيا فيما يعتقد أنه كان آخر اتصال بالطائرة ولم يتم الإبلاغ عن أي مشاكل.
وأضاف لرويترز أن الطائرة لم ترد على اتصالات قبل قليل من دخولها للمجال الجوي المصري وذلك قبل أن تختفي من على شاشات الرادار بعد قليل من خروجها من المجال الجوي اليوناني.
وتابع “خلال إجراءات التسليم قبل نحو سبعة أميال من دخول الطائرة لمجال القاهرة الجوي حاول المراقبون اليونانيون الاتصال بالطيار لكنه لم يرد.”
وقال وزير الدفاع اليوناني في مؤتمر صحفي إن عملية البحث التي بدأتها السلطات اليونانية في المنطقة جنوبي جزيرة كارباثوس لم تسفر عن شيء بعد.
وأضاف كامينوس “في الساعة 3.39 (00.39 بتوقيت جرينتش) كان مسار الطائرة جنوبي وجنوب شرقي جزيرتي كاسوس وكارباثوس… وعلى الفور بعد أن دخلت المجال الجوي للقاهرة قامت بانحراف وهبوط أصفه بأنه 90 درجة يسارا ثم 360 درجة إلى اليمين.”
وتابع أن الطائرة هوت من ارتفاع 37 ألف قدم (11280 مترا) إلى 15 ألف قدم قبل اختفائها من على الرادار.
وقال وزير الطيران المصري إن السلطات حاولت استئناف الاتصال مع الطائرة المفقودة بعد اختفائها من على شاشات الرادار ولكن لم تتمكن من ذلك.
* “لا أحد يعرف أي شيء”
وخصصت سلطات مطار القاهرة الدولي قاعة لأقارب وأصدقاء الركاب بعيدا عن أعين وسائل الإعلام.
لكن شوهد رجل وامرأتان قالوا إنهم أقارب أحد أفراد الطاقم يخرجون من قاعة كبار الزوار بالمطار وهي القاعة التي خصصت للأهالي. وقال الرجل “لا نعرف أي شيء. ولا يعرفون أي شيء. لا أحد يعرف أي شيء.”
وقال أيمن نصار وهو قريب أحد الركاب أثناء خروجه من القاعة برفقة ابنته وزوجته وكان يبدو عليهم الأسى “ابلغونا أن الطائرة اختفت وأنهم لا يزالون يبحثون عنها وألا نصدق أي شائعات.”
وهرعت أم إحدى الراكبات خارج القاعة والدموع تنهمر من عينيها وقالت إن آخر مرة اتصلت بها ابنتها كانت مساء الأربعاء.
وأضافت “لم يقولوا لنا أي شيء.”
وقالت مصر للطيران في بيان إن رحلتها رقم (804) أقلعت من مطار شارل ديجول في العاصمة الفرنسية باريس باتجاه مطار القاهرة في الساعة 23.09 بالتوقيت الصيفي لوسط أوروبا. واختفت الساعة 02.30 صباحا وكانت على ارتفاع 37 ألف قدم في المجال الجوي المصري وعلى بعد نحو 280 كيلومترا من الساحل المصري. وكان مقررا أن تهبط الطائرة في القاهرة الساعة 3.15 صباحا.
وفي باريس قال مصدر بالشرطة إن المحققين يستجوبون ضباطا كانوا بالخدمة في مطار رواسي مساء الأربعاء لمعرفة ما إذا كانوا سمعوا أو شاهدوا أي شيء مثير للشك. وأضاف المصدر “نحن لا نزال في مرحلة مبكرة هنا.”
وقالت مصر للطيران إنها تسلمت الطائرة المفقودة عام 2003 مضيفة أنها الرحلات التي قامت بها استغرقت حوالي 48 ألف ساعة.
وتابعت أن عدد ساعات الطيران لقائد الطائرة هي 6275 ساعة من بينها 2101 ساعة على نفس طراز الطائرة المفقودة وللطيار المساعد 2766 ساعة.
وفي أحد البيانات ذكرت مصر للطيران أن الطائرة أرسلت إشارة استغاثة الساعة 04.26 صباحا أي بعد ساعتين من اختفائها من على شاشات الرادار لكن فتحي قال في وقت لاحق إن مزيدا من التحريات أظهرت أنه لم يتم تلقي الإشارة.
* تعاون مصر وفرنسا
في برلين قالت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية (يوروكنترول) إن الطقس لم يكن سيئا في الوقت والمنطقة التي اختفت فيها طائرة مصر للطيران.
وقالت يوروكونترول في بيان “ليس هناك تأثير كبير على الحركة الجوية في الوقت الحالي رغم وجود أنشطة بحث وإنقاذ في المنطقة.”
وبموجب قوانين الأمم المتحدة المنظمة للطيران فإنه إذا عثر على حطام الطائرة في المياه الدولية أو في المياه الإقليمية المصرية فإن مصر ستقود بشكل تلقائي التحقيقات في الحادث بمساعدة من دول أخرى من بينها فرنسا التي جمعت فيها الطائرة والولايات المتحدة حيث مقر شركة برات أند ويتني المصنعة للمحركات.
وقالت روسيا ودول غربية إن طائرة متروجيت الروسية التي تحطمت في شبه جزيرة سيناء يوم 31 أكتوبر تشرين الأول الماضي سقطت جراء قنبلة على الأرجح. وزعم تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد مسؤوليته عن إسقاط الطائرة.
وأثار الحادث تساؤلات بشأن فاعلية الحملة التي تنشها مصر لمكافحة الإرهاب. وكثف متشددون إسلاميون هجماتهم على قوات الأمن المصرية منذ أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي حين كان يتولى منصب وزير الدفاع عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وفي مارس آذار خطفت طائرة تابعة لمصر للطيران كانت تقوم برحلة داخلية بين مدينتي الإسكندرية والقاهرة وأجبرت على الهبوط في قبرص.
وكان الخاطف وهو مصري الجنسية يرتدي حزاما ناسفا زائفا وألقي القبض عليه بعد تسليم نفسه.
ووفقا لموقع (إير فليتس) تملك مصر للطيران أسطولا يضم 57 طائرة من طرازي إيرباص وبوينج ومن بينها 15 طائرة من طراز إيرباص أيه320.
روتيرز