يشهد النظام التجاري العالمي حاليًا مرحلة هي الأصعب منذ عقود، مع تصاعد التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، فقد أدت السياسات الأميركية الأخيرة، التي اتسمت بفرض رسوم جمركية متزايدة على الواردات، إلى زعزعة أسس التجارة الدولية، وخلقت حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية
ورغم هذه التحديات، أظهر النظام التجاري مرونة نسبية، إذ لا تزال نسبة كبيرة من التجارة الدولية تُدار وفق قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO)، خاصة مبدأ “الدولة الأكثر تفضيلًا”
بحسب تقرير نشرته منظمة التجارة العالمية، قفز متوسط الرسوم الجمركية المرجحة على واردات الولايات المتحدة من 2.4% في بداية عام 2025 إلى 18.4% حاليًا، وهو مستوى غير مسبوق منذ عقود.
هذه الزيادة الكبيرة جاءت نتيجة سياسات أحادية الجانب تبنتها الإدارة الأميركية، وتهدف إلى :
حماية الصناعات المحلية الأميركية
تقليص العجز التجاري
الضغط على الشركاء التجاريين، خصوصًا الصين والاتحاد الأوروبي
واعتبرت منظمة التجارة أن هذه الخطوة تشكل “اختبارًا حقيقيًا” لقدرة النظام التجاري متعدد الأطراف على مواجهة الصدمات
رغم هذه السياسات، أظهر النظام التجاري العالمي مرونة ملحوظة
ما يقارب من 72% من التجارة العالمية لا يزال يُدار وفق مبدأ “الدولة الأكثر تفضيلًا” (MFN)، الذي يضمن معاملة متساوية لجميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية
في بداية عام 2025، كانت النسبة 80%، ما يعني تراجعًا بنحو 8 نقاط مئوية فقط، رغم الاضطرابات الكبيرة
هذا يشير إلى أن هناك التزامًا نسبيًا بالقواعد متعددة الأطراف، وأن كثيرًا من الدول ما زالت تتمسك بالإطار القانوني لمنظمة التجارة لتجنب الفوضى التجارية
تداعيات هذه الزيادة في الرسوم الجمركية تتجاوز الحدود الأميركية، إذ تمتد آثارها إلى معظم الاقتصادات، وخاصة النامية
الدول المتقدمة :
تواجه الشركات الأوروبية والآسيوية تحديات متزايدة في تصدير منتجاتها إلى السوق الأميركية
ارتفاع التكاليف أدى إلى انخفاض تنافسية السلع المستوردة، وزيادة الضغوط التضخمية
الدول النامية :
هي الأكثر تضررًا نظرًا لاعتمادها الكبير على الصادرات إلى الأسواق الكبرى
تراجع فرصها في سلاسل التوريد العالمية، خصوصًا في مجالات مثل الإلكترونيات والمنسوجات
الأسواق المالية :
أدت التوترات إلى تقلبات حادة في أسواق الأسهم والعملات
هناك ترقب واسع بين المستثمرين لقرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد
الاتحاد الأوروبي وصف الإجراءات الأميركية بأنها “تهديد مباشر للنظام التجاري” وأعلن عن دراسة خطوات انتقامية تشمل فرض رسوم مضادة
الصين صرحت بأنها ستلجأ إلى منظمة التجارة للطعن في الرسوم الأميركية، وحذرت من نشوب “حرب تجارية شاملة”
الدول النامية دعت إلى عقد اجتماع طارئ داخل منظمة التجارة لبحث آليات دعم الاقتصادات المتضررة
أكد المدير العام لمنظمة التجارة العالمية أن هذه الأزمة تكشف ثغرات كبيرة في النظام الحالي، مشيرًا إلى أن المنظمة بحاجة إلى إصلاحات عاجلة تشمل :
تحديث القواعد لمواكبة قضايا حديثة مثل التجارة الرقمية والذكاء الاصطناعي
إحياء هيئة الاستئناف التي شُلت منذ عام 2019، لإعادة الثقة في آليات تسوية النزاعات
السماح بالاتفاقيات الجزئية (Plurilateral Agreements)، والتي تتيح لمجموعات من الدول التوصل لاتفاقات محددة من دون الحاجة لإجماع كافة الأعضاء
قال المدير العام : النظام التجاري يتعرض لأقوى اختبار له منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لكننا لم نصل بعد إلى مرحلة الانهيار الكامل
رغم الصمود النسبي الحالي، يتوقع الخبراء أن تشهد الأشهر المقبلة سيناريوهين محتملين :
السيناريو الإيجابي :
نجاح منظمة التجارة في قيادة مفاوضات تهدئة
خفض تدريجي للرسوم الأميركية مع توقيع اتفاقيات جديدة
استعادة الثقة في النظام التجاري المتعدد الأطراف
السيناريو السلبي :
استمرار التصعيد الأميركي وبدء الدول الأخرى بفرض إجراءات انتقامية
تفكك تدريجي للنظام التجاري الحالي
تراجع حاد في التجارة العالمية قد ينعكس في ركود اقتصادي عالمي
I just like the helpful information you provide in your articles
Great information shared.. really enjoyed reading this post thank you author for sharing this post .. appreciated
Your thoughts are always so well-organized and presented.
I appreciate you sharing this blog post. Thanks Again. Cool.
I enjoyed your take on this subject. Keep writing!
I’ll definitely come back and read more of your content.