“احتجزونا كفزاعة لإخافة السوريين بعدم قدومهم إلى هذه البلاد”.. بحرقة قال محمد هذه الكلمات وهو يروي قصة احتجازه في قبرص مع 9 سوريين آخرين من طالبي اللجوء.
بدأت القصة بحسب ما رواها محمد للعربية.نت التي تواصلت معه وهو في مركز احتجاز بمدينة لارنكا القبرصية، مع وصول مجموعات من طالبي اللجوء بشكل متقطع خلال العام الماضي من بلدان عدة إلى قبرص، معظمهم جاء من تركيا وقبرص التركية ولبنان.
محمد الذي درس في قبرص لمدة 6 سنوات ثم انتقل بعدها إلى لبنان ومكث فيه 7 سنوات، أشار إلى أن التحقيقات معه ومع عائلته بدأت فور وصولهم بواسطة قارب مع ثلاثين شخصاً من لبنان إلى قبرص اليونانية، “حققوا مع الجميع، وتوسعوا بالتحقيق معي، ثم نقلوني إلى مركز احتجاز يتبع للاتحاد الأوروبي وهو مركز لإعادة المهاجرين، كل المجموعات التي وصلت خلال السنة الماضية يتم فرزها ونقل بعض الأشخاص إلى هذا المركز بحجة أنهم يشكلون تهديداً للأمن القومي في البلاد”.
كما أكد أنهم لم يواجهوا تهمة واضحة، فقط تهديد الأمن القومي، “هذه تهمة فضفاضة، إذا كان بيننا من ارتكب جرماً أو عملاً يهدد الأمن القومي فعلاً فليواجهونا به، أو على الأقل فليخبروا المحامين والمنظمات التي توكلت بالدفاع عنا، لا يخبرونهم أي معلومة سوى تهديد الأمن القومي دون أية تفاصيل إضافية”.
بالتوازي مع إضراب المحتجزين عن الطعام بدأت زوجة محمد مع أطفالها اعتصاماً أمام البرلمان القبرصي بدعم من منظمة “كيسا” المناهضة للعنصرية، تقدموا برسالة للبرلمان بانتظار تحريك قضية المحتجزين.
تضامن سوري.. وصفحة على فيسبوك
وكانت القضية تفاعلت بين أوساط السوريين في قبرص لذلك أنشأ أصدقاء المتحجزين صفحة على فيسبوك لمناصرة قضيتهم، وتضمنت الصفحة بياناً من المحتجزين في اليوم الأول لإضرابهم عن الطعام أكدوا فيه أنهم “ضحية توجه سياسي معين في قبرص يعتمد على تقارير يحصل عليها إما من النظام السوري، النظام الذي هربنا من بطشه وأدواته القمعية، أو من أشخاص لا يريدون إلا الضرر ويستخدموننا نحن للوقوف في وجه تدفق مزيد من اللاجئين السوريين إلى قبرص”.
وقال المحتجزون في بيانهم “لأننا أصحاب قضية محقة، قررنا خوض معركة البطون الخاوية، وسنضرب عن الطعام حتى ننال حريتنا”.
صور للمعاناة
كما تضمنت صفحة المحتجزين في قبرص صوراً يومية لمعاناة بدأت مع بداية فصل الشتاء وتدني درجات الحرارة وعدم وجود أغطية شتوية، وأنباء عن تراجع الحالة الصحية لبعض الموقوفين بسبب الظروف الجوية السيئة.
ويؤكد المحتجزون أنهم مازالوا يحتفظون بهواتفهم لأن مركز الاحتجاز خاضع للاتحاد الأوروبي ويخضع للمعايير الأوروبية، وهو ما يساعدهم في التواصل مع الآخرين وإرسال الصور اليومية لحياتهم.
من جهته، قال المحامي مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان للعربية.نت “في بعض الدول تحولت تهمة الإرهاب إلى تهمة مطاطة فيما يتعلق بالأجانب، وإلى أداة للتسلط السياسي فيما يتعلق بمواطني الدولة”.
كما أضاف الحسني، وهو أحد المحامين الذين تولوا مهمة الدفاع عن الموقوفين أنه “من سوء طالع الموقوفين أنهم سقطوا على شواطئ قبرص اليونانية، “بناء عليه تحولت الهواجس الأمنية في نفوس الشرطة القبارصة إلى تهم مجانية بالإرهاب تساقطت على رؤوس طالبي اللجوء السوريين لأتفه الأسباب، فأحدهم على خلفية ضبط (سواك) في ملابسه، والآخر لعدم السماح لهم بتفتيش معرض الصور في الهاتف الجوال الخاص بزوجته، والثالث على خلفية صورة تذكارية استعراضية بجانب سلاح ابن الجيران .. الخ”.
تسليمهم إلى دمشق وارد
وأضاف “بتعبير آخر ترفض السلطات الثلاث في قبرص حل قضيتهم، وبالتالي يصبح تسليمهم للنظام بدمشق أمرا واردا، لذلك حاولنا اللجوء إلى اللجنة الخاصة لمناهضة التعذيب في جنيف عن طريق مؤسسة الكرامة على أمل تدخل المقرر الخاص بالتعذيب لمنع احتمالية تسليمهم للنظام كون قبرص دولة مصادقة على معاهدة حظر التعذيب، وعلى اعتبار أن تسليمهم للنظام السوري سيعرضهم قطعاً للتعذيب”.
وختم موضحاً أنه “عند صدور قرار قضائي بحق أي منهم سنحاول اللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أصدرت قرارات شجاعة مؤخراً، ويعتبر وجودها حالياً نقطة مضيئة وسط ظلام دامس في مجال العدالة الدولية.
نقلا عن: العربية