اتفاقات متوالية، وقرارات جديدة تزعم بوقف إطلاق النار في مناطق النزاع والاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة كان آخرها في وادي بردى، بعد أن ذاق أهل المنطقة الويلات من حصار وقصف مستمر بشتى أنواع الأسلحة وحرمان من كافة مقومات الحياة.
بات الأسلوب الهمجي والمدروس بدقة الذي يتبعه نظام الأسد منطقة تلو الأخرى واضحا للجميع بهدف تهجير سكان المناطق المحررة وتجميعهم في منطقة واحدة محصورة لا منفذ لها سوى تركيا في الشمال السوري وتحديدا في ادلب، في وقت تتحضر الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران لوضع صيغة نهائية قبيل حلول موعد الاجتماع التفاوضي بين طرفي النزاع في العاصمة الكزخية “أستانة”.
وكان تم توقيع اتفاق يوم أمس السبت يقضي بوقف نهائي لعملية إطلاق النار في وادي بردى من قبل عميد في الحرس الجمهوري ومحافظ ريف دمشق ومبعوث من قبل السفارة الألمانية في دمشق، وممثلين مدنيين وعسكريين تابعين للمعارضة في المنطقة، وتم تسليم الوفد الألماني الوسيط قوائم بأسماء الرافضين لتسوية أوضاعهم، ليتم ترحيلهم إلى محافظة إدلب بإشراف أممي وبرعاية الصليب الأحمر الدولي.
إلا أن النظام اعتاد أن يخرق أي اتفاق في سبيل مصالحه، فما هي إلا ساعات على سريانه حتى بدأت عناصر حزب الله باستهداف منطقة عين الفيجة بالمدفعية وقذائف الدبابات ضاربين بعرض الحائط أي اتفاق يمكن أن يعقد، فكيف للشعب أن يضع ثقته بنظام عمل جاهدا على محاربته طيلة سنوات الحرب متذرعا بمحاربة الإرهاب وملاحقة المسلحين؟، ولعل الهدف واضح ألا وهو إرغام أهل تلك المناطق على الاستسلام والرضوخ للنظام فأمامهما خياران إما تسليم أنفسهم له والبقاء في مناطقهم تحت سلطته أو التوجه للشمال السوري الذي أصبحت أرضه محشرا لهم رغما عنهم.
وفي الوقت الذي ينتظر السوريون حلول اجتماع أستانة صرح بشار الجعفري مندوب النظام لدى الأمم المتحدة أن هدف الاجتماع هو تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار وفصل تنظيمي الدولة و”جبهة النصرة”، عن الجماعات التي قبلت الاتفاق.
وقال الجعفري الأحد على متن الطائرة التي أقلت الوفد إلى كازاخستان إن “كل اجتماع يخدم المصلحة الوطنية مهم للحكومة السورية”، مضيفا أن لكل محطة خصوصيتها وأجندتها الخاصة وأن “البناء على كل اجتماع هو الذي يوصلنا في نهاية المطاف إلى بر الأمان”.
وأشار إلى أنه: “من السابق لأوانه تحديد سقف التوقعات ولدينا توجهات بأن نشارك في الاجتماع مشاركة إيجابية وأن نستمع وننقل وجهة نظرنا الشعبية والرسمية إلى المشاركين الآخرين”.
لعل تصريحاته تنافي الواقع الذي يعيشه السوريون على الأرض، فمن يريد تعزيز قرار يقضي بوقف إطلاق النار عليه أن يلتزم به أولا، إلا أنهم اعتادوا سياسة المراوغة والكذب لتحقيق مآربهم بدثر معالم الثورة السورية وروحها في نفس كل سوري خرج مطالبا بحريته وكرامته، ورافضا لممارسات النظام القمعية، فمهما حاول وتمكن من إحراز تقدم في مناطق سيطرة المعارضة لن يكسب ثقة الشعب من جديد.
المركز الصحفي السوري _ سماح الخالد