نشرت قناة “أي بي سي نيوز” الأمريكية تقريرا، اتهمت فيه الولايات المتحدة بمواصلة التعاون مع وحدة عراقية ثبت تورطها في ارتكاب جرائم ضد مدنيين في الموصل، على الرغم من وجود قانون أمريكي يمنع التعاون مع هذه الوحدة أو تمويلها.
وذكرت القناة، في تقرير نشرته على موقعها، وترجمته “عربي21“، إن القيادة العسكرية الأمريكية تواصل العمل جنبا إلى جنب مع وحدة من القوات الخاصة التابعة للجيش العراقي، رغم وجودها على قائمة المجموعات التي يمنع التعامل معها؛ بسبب وجود أدلة دامغة على أن عناصرها مارسوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق مدنيين عراقيين، ولمدة لا تقل عن سنتين.
وكانت القناة بثت ساعات من تسجيلات الفيديو التي صورها الصحفي العراقي علي أركادي، والتي يظهر فيها ضباط من هذه الوحدة العسكرية الخاصة التي تسمى “وحدة الاستجابة للطوارئ” وهم يشرفون على تعذيب وإعدام مدنيين من السنة في الموصل خلال العام الماضي.
وذكر التقرير أن متحدثا باسم الجيش الأمريكي أعلن عن فتح تحقيق بشأن هذه الأدلة الجديدة على تورط هذه الوحدة في الانتهاكات، ولكن إلى حد الآن لا يرى الجيش الأمريكي وجود سبب قانوني ملزم لإيقاف التعاون مع هذه الوحدة.
وأشار التقرير إلى أن هذه الوحدة العراقية تم وضعها على القائمة السوداء في آذار/ مارس 2015، بموجب قانون “ليهي” الأمريكي، الذي يمنع وزارة الدفاع من تمويل ودعم أي مجموعات عسكرية أجنبية في حال وجود أدلة واضحة على ارتكابها خروقات وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وأوضحت القناة أن قيادات الجيش الأمريكي تجاهلت هذا القرار، وواصلت دعم “وحدة الاستجابة للطوارئ” في الجيش العراقي، وادعت أن التعاون بينهما كان مثمرا، وأدى لضرب مواقع هامة لتنظيم الدولة.
ونقل التقرير عن باتريك ليهي، الخبير القانوني الأمريكي، قوله: “إن الصور التي تم التقاطها مثيرة للصدمة، حيث إنها تظهر بكل وضوح ارتكاب جرائم حرب. وإشراف قيادات من هذه الوحدة العسكرية على هذه الجرائم يبين أنها لم تكن مجرد انحرافات أو تصرفات فردية”.
كما نقل التقرير عن تيم ريزر، مستشار السياسة الخارجية، قوله إن القيادة العسكرية الأمريكية لم تحترم قانون “ليهي”، الذي ينص على قطع العلاقات مع أي مجموعة عسكرية ترتكب تجاوزات قانونية، وذلك على الرغم من الأدلة الدامغة على تورط “وحدة الاستجابة للطوارئ” في الجيش العراقي في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأضاف ريزر: “بما أن الجيش الأمريكي يقوم بتنسيق ضرباته الجوية مع هذه الوحدة، ويقدم لها الدعم اللوجستي، فإنه بذلك شريك في الأفعال التي اقترفتها. إن قانون “ليهي” يهدف إلى منع الولايات المتحدة من التورط في مثل هذه الأفعال، ولكن هذا القانون لم يحترم في هذه الحالة”.
وفي السياق ذاته، نقل التقرير عن سارا ويتسون، المديرة التنفيذية لمكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط، قولها: “إن الحكومة الأمريكية بصدد التورط في لعبة قذرة، حيث إنها تتظاهر بوقف دعمها للوحدات العراقية المتورطة في انتهاكات إنسانية، على غرار “وحدة الاستجابة للطوارئ”، ولكنها في الواقع لا تزال تتعاون معها، وتقوم بتدريبها، وتنسق عملياتها معها”.
واعتبرت ويتسون أن الولايات المتحدة تكون بذلك شريكة في عمليات التعذيب الوحشية وأعمال العنف التي مارستها هذه الوحدات العسكرية العراقية ضد المدنيين، والأخطر من ذلك هو أن هذه الانتهاكات هي التي تسبب تواصل التطرف والعنف في العراق، ما يعني أن الحرب لن تنتهي قريبا”.
وأشار التقرير إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية تثني على هذه الوحدة العسكرية، وتعتبرها شريكا في الحرب الدائرة، حيث كان الكولونيل بريت سيلفيا أعلن في مؤتمر صحفي، في مطلع العام الجاري، أن الضباط الأمريكيين يقدمون المشورة والدعم لوحدة الاستجابة للطوارئ، ويعدّونها طرفا ذا فاعلية.
وذكر التقرير أن وزارة الدفاع الأمريكية تقدمت مؤخرا بطلب للكونغرس لتمويل هذه الوحدة العسكرية بملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، عبر “صندوق تدريب وتسليح الجيش العراقي”، وهو ما اعتبره كثيرون سلوكا غير أخلاقي، حيث إن طلب الدعم المالي لهذه الوحدة، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين منها في انتهاكات، يرسل رسالة سلبية لكل المتابعين”.
وأشار التقرير إلى أن عديد المحللين السياسيين والعسكريين، الذين استضافتهم قناة أي بي سي نيوز في الأيام الأخيرة، أكدوا أن هذه الجرائم الطائفية والانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون السنة في العراق هي التي سهلت على تنظيم الدولة السيطرة على مدينة الموصل في سنة 2014، في ظل دعم الولايات المتحدة لمجموعات عسكرية، مثل “وحدة الاستجابة للطوارئ”، المرتبطة بشكل قوي بالمخابرات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، وهو ما يجعل هذه الحرب على الإرهاب عقيمة.
ونقل التقرير في هذا السياق عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط، فيليب سميث، قوله: “إن إقامة الولايات المتحدة لشراكة مع هذه الوحدات العسكرية الطائفية، والتي تحصل على دعم مباشر من إيران، يؤدي لتغذية التطرف والعنف في المنطقة، ولا يخدم مصالح الولايات المتحدة، بل إنه يزرع بذور الكراهية في صفوف الطائفة السنية”.
وختاما، نقل التقرير عن الدبلوماسي الأمريكي المخضرم، علي خذري، الذي يعدّ أكثر دبلوماسي عمل في بغداد، قوله: إن السياسة الأمريكية أصبحت مجنونة، حيث إنها تسعى لهزيمة تنظيم إرهابي، هو تنظيم الدولة، عبر دعم مجموعات أخرى هي أيضا إرهابية”.
العربي21