وكان ضباط إيرانيون على رأس الوفد المفاوض في مايو/أيار 2014 عندما توصلوا إلى اتفاق مع المعارضة السورية المسلحة قضى بخروج ألفين وثلاثمئة شخص، بينهم تسعمئة مقاتل من أحياء حمصالقديمة، إلى ريف حمص الشمالي، وهي أول عملية “تهجير” تشهدها البلاد خلال الأزمة.
وقال أبو رامي الحمصي -وهو واحد من ثلاثة مفاوضين التقوا ممثلي إيران والنظام في حمص القديمة- إن الدور الإيراني بدا واضحا خلال جلسات المفاوضات، مضيفا أن الضابط الإيراني “الحاج فادي” كان يقود المفاوضات بكل تفاصيلها، مثل المطالبة بالإفراج عن الأسيرة الإيرانية لدى المعارضة، وإدخال مساعدات لبلدتي نبل والزهراء “الشيعيتين”، ومناقشة أسماء المعتقلين في سجون النظام.
وأشار إلى أنه عندما كان يتحدث الحاج فادي لا يقاطعه أو يعترض عليه أحد من ممثلي النظام، في وقت يسعى رئيس فرع دائرة المخابرات العامة اللواء ديب زيتون وقائد عمليات المنطقة الوسطى اللواء أحمد جميل لتنفيذ وتسهيل ما يمليه الضابط الإيراني.
ويؤكد ناشطون أن الحاج فادي والحاج سامي هما اللذان عملا على مدار أشهر لعقد اتفاق قضى أيضا بإخراج الثوار من حي الوعر، آخر معاقل المعارضة بمدينة حمص، نهاية الشهر الفائت.
مستشفى ميداني في بلدة مضايا المحاصرة يغص بالمرضى وسط نقص في المعدات والأدوية (ناشطون) |
تغيير ديمغرافي
وبعد أشهر من اتفاق “الزبداني-كفريا والفوعة” بين جيش الفتح التابع للمعارضة وبين إيران، فرض النظام السوري وحزب الله اللبناني حصارا خانقا على بلدة مضايا شمالي دمشق، لمحاولة إبعاد الفصائل إلى ريف إدلب (شمال)، كما يتكرر المشهد في بلدة المعضمية غرب دمشق.
وكشف عضو في لجنة المفاوضات في المعضمية أن الجولة الأخيرة من المفاوضات التي انعقدت الأسبوع الفائت في فندق “فورسيزن” بدمشق شهدت حضور ممثلين عن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وقال إنها كشفت أن ملف المفاوضات يخضع مباشرة لقادة من الجانبين، بينما يقتصر دور الفرقة الرابعة بالحرس الجمهوري السوري على التنفيذ.
وأكد المصدر للجزيرة نت أن ممثل حزب الله “رفيق لطف” وضع وفد المعضمية أمام ثلاثة خيارات، أولها الاستسلام وتسليم السلاح، وثانيها الهجرة من المعضمية نحو إدلب، وثالثها تعريض أكثر من أربعين ألف مدني محاصر بالمدينة للخطر، حيث توعد لطف بتدمير المدينة بمن فيها، بحسب المصدر.
وأكد أن مندوب حزب الله قال للوفد إنه غير قادر على فك الحصار لأن فتح المعبر ليس من صلاحياته رغم إصرار وفد المعارضة على فتحه للتعبير عن حسن النية قبل بدء التفاوض.
ورجح المصدر استمرار القتال لأن غالبية أبناء المدينة من مدنيين ومقاتلين يرفضون الهجرة إلى إدلب، مؤكدا أن البلدة تتعرض لأعنف هجوم عسكري منذ بدء الحصار، فضلا عن تعرضها للقصف بالسلاح الكيميائي.
حرب طائفية
بدوره، رأى الصحفي حسام محمد أن أهم أسباب نجاح النظام وأنصاره بالحصار هو العامل الجغرافي، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة في ضواحي دمشق لا تملك خيارات للمناورة بسبب تمركز النظام في المرتفعات واعتماده على القصف البعيد، فضلا عن اتباعه سياسة قطع الطرق بين البلدات.
وقال محمد إن الحرس الثوري أذكى الحرب الطائفية التي أشعلها النظام من قبل، فالحرس ينتقي المناطق ذات المواقع الإستراتيجية ويسعى لتهجير أهلها بعد الحصار الخانق.
واعتبر الصحفي المعارض أن هدف طهران من التهجير بدمشق وحمص هو فرض “التمدد الشيعي” بالقوة، مستغلة بذلك الفوضى التي تعم سوريا والحملة الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك تحت غطاء سياسي من موسكو في المحافل الدولية، حسب قوله.