قال الجيش التركي إن ضربات جوية روسية قتلت بطريق الخطأ ثلاثة جنود أتراك وأصابت 11 آخرين خلال عملية ضد الدولة الإسلامية في سوريا الخميس مما يسلط الضوء على خطر اندلاع اشتباكات غير مقصودة بين القوى الخارجية العديدة المشاركة في الصراع المستمر منذ ستة أعوام.
وأضاف الجيش في بيان “خلال عملية نفذتها طائرات روسيا الاتحادية ضد أهداف للدولة الإسلامية في منطقة عمليات درع الفرات في سوريا سقطت قنبلة بطريق الخطأ على مبنى تستخدمه وحدات الجيش التركي”. وأعلنت موسكو أنها اتفقت مع أنقرة على تطوير آلية التنسيق العسكري بين الجانبين في سوريا على خلفية مقتل ثلاثة عسكريين أتراك خطأ بغارة روسية قرب مدينة الباب.
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصل بنظيره التركي رجب طيب إردوغان وقدم تعازيه وأنحى باللائمة في توجيه ضربة بطريق الخطأ على ضعف التنسيق بين موسكو وأنقرة. وإلى جانب روسيا وتركيا تشارك في الحرب جماعة حزب الله اللبنانية وفصائل مدعومة من إيران بالإضافة إلى الدول أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية.
وروسيا حليف رئيسي للرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم تركيا المعارضة التي تسعى للإطاحة به. وفي 2015 أسقطت تركيا طائرة حربية روسية قالت إنها دخلت مجالها الجوي رغم أن موسكو نفت حدوث ذلك.
وتحسنت العلاقات بين البلدين بعد ذلك وقال الكرملين في بيانه الخميس إن زعيمي البلدين اتفقا على تعزيز التنسيق العسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقال مكتب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي عبر له عن تعازيه في القتلى الأتراك أثناء اتصال هاتفي بحثا خلاله التعاون في محاربة الإرهاب.
واستأنف مقاتلون من المعارضة السورية مدعومون من تركيا هجوما كبيرا على مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية والتي تقع على بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب من الحدود مع تركيا. ويهدد ذلك التقدم بوضعهم في صراع مباشر مع قوات الحكومة السورية التي تقترب من المدينة من ناحية الجنوب.
وقال أحد قادة المعارضة المسلحة إن مقاتلين من الجيش السوري الحر يعملون مع قادة أتراك يتقدمون من منطقة قرب البوابات الغربية للمدينة التي اقتحموها الأربعاء. وقال قائد إحدى الفصائل الرئيسية بالجيش السوري الحر التي تقاتل في الباب “المعارك بدأت قبل قليل لاستكمال ما بدأ بالأمس”.
وسيؤدي سقوط المدينة إلى تعزيز النفوذ التركي في منطقة بشمال سوريا أقامت فيها منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع. وشنت تركيا عملية درع الفرات في أغسطس وساندت المعارضة السورية بقوات خاصة ودبابات وطائرات لتطهير حدودها من الدولة الإسمية ومنع تقدم ميليشا كردية.
ومدينة الباب مركز اقتصادي كبير للمتشددين وتقع على مفارق طرق رئيسية للمنطقة الواقعة شمالي حلب. وقالت وسائل إعلام رسمية سورية إن الجيش قام بتأمين سلسلة من القرى على الطرف الجنوبي للمدينة الخميس.
وقال الجيش التركي إنه قتل 44 متشددا في قصف جوي ومدفعي واشتباكات في شمال سوريا. كما قتل خمسة جنود أتراك في الاشتباكات. وقال معارضون مدعومون من تركيا إن اشتباكات وقعت للمرة الأولى مع الجيش السوري في قرية أبو زاندين جنوب غربي الباب حيث يتقدمون.
وكان زعيم تحالف جديد لفصائل إسلامية في سوريا تعهد بتصعيد الهجمات على الجيش السوري وحلفائه المدعومين من إيران بهدف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وقال هاشم الشيخ القائد العام لهيئة تحرير الشام التي تشكلت الشهر الماضي في أول حديث مصور بالفيديو له إن التجمع الجديد يسعى إلى “تحرير كافة الأراضي السورية وإلى الحفاظ على وحدتها وعلى هوية شعبها المسلم”.
وأضاف الشيخ “نطمئن أهلنا بأننا سنبدأ مشروعنا هذا بإعادة تنشيط العمل العسكري ضد النظام المجرم وسنغير مجددا على ثكناته ومواقعه ونخوض معركة التحرير من جديد ونعيدها سيرتها الأولى بنصر مؤزر”. وتشكلت هيئة تحرير الشام عن طريق اندماج جبهة فتح الشام وعدة جماعات أخرى.
وانضم إلى التحالف الجديد آلاف المقاتلين الذين انشقوا في الأسابيع الماضية عن جماعات الجيش السوري الحر الأكثر اعتدالا والذين أغضبهم استعداد قادتهم للدخول في عملية سلام مع حكومة الأسد. وقبل أيام من تشكيل التحالف الجديد اندلع قتال عنيف في شمال غرب سوريا بين جبهة فتح الشام وجماعات معارضة أخرى أكثر اعتدالا فيما هدد بمزيد من الضعف في صفوف المعارضة في أكبر معقل لها.
وقال المتشددون إنهم اضطروا للتحرك لإحباط ما وصفوها بالمؤامرات ضدهم من جماعات معارضة مسلحة حضرت محادثات السلام في قازاخستان. وقال الشيخ إن التحالف الجديد سيشكل “كيانا واحدا” يتصدر العمل العسكري والسياسي للقوات المناهضة للأسد مضيفا أن مساعي السلام الدولية تهدف إلى “إجهاض الثورة” ومكافأة الأسد على “جرائمه” في حق السوريين.
لكن الكثير من جماعات المعارضة المسلحة الأصغر التي تخشى أن يشكل تنامي نفوذ الجماعات المتشددة الجديدة تهديدا لوجودهم لجأوا لحماية أنفسهم من خلال الاندماج مع جماعة أحرار الشام الإسلامية القوية. وأدى زيادة التوتر في عدة مناطق خاضعة للمعارضة المسلحة في الأيام القليلة الماضية إلى اندلاع اشتباكات بين جماعات إسلامية متشددة تابعة للتحالف الجديدة وبعض فصائل الجيش السوري الحر.
لكن فصائل الجيش السوري الحر لا تزال تشن إلى جانب جماعات متشددة بينها جماعات تعمل تحت مظلة التحالف الجديد معارك مشتركة ضد الجيش السوري رغم الخلافات الأيدلوجية العميقة وصراع النفوذ. وحقق الجيش بمساندة ميليشيات مدعومة من إيران مكاسب سريعة في الأيام الأخيرة من جنوبي المدينة وسيطر على أكثر من 30 قرية من المتشددين ليقترب من القوات التركية ومقاتلي المعارضة.
العرب اللندنية