أعاده القدر لمنزله وأطفاله بعد اختفائه بسجونِ النظام لسنوات، واتصال هاتفي أخرجه وأعاد له حريته.
هل تستطيع الفروع الأمنية الحجز على #عقارات_المطلوبين؟؟
محمد (اسم مستعار) شاب ثلاثيني، ذو قوام طويل، رُسمت على جبهته خطوط الشقاء والعذاب، غيبته سجون النظام عن أطفاله أكثر من سبع سنواتٍ، ذاق خلالها ذلاً وتعذيباً وضرباً دون ذنب اقترفه.
يروي محمد مسيرة سنوات مظلمةٍ “اذهب من منزلي لعملي وبالعكس لأجني قوت أطفالي، إلى أن وقفت سيارة نزل منها عناصر كالوحوش، وقفوا يسألونني عن اسمي فقلت أنّني أنا من يبحثون عنه، عندها لم أر غير وجهي غطيَّ، ويداي كبلتا ورميت داخل السيارة”.
“لم تكن لدي أيّ فرصةً لأسأل عن ذنبي أو ايصال خبر لعائلتي، أنزلوني إلى سجن مكتظ ظالم حالك السواد لا نكاد نرى نور الشمس فيه، بدايةً كانوا يعذبوني عند الصباح وفي المساء وكلما اسأل عن السبب يزيد تعذيبهم حتى فقدت أسناني خلال الضرب المبرح”.
“بقيت في سجونهم ثلاثة سنوات دون الوصول لعائلتي رغم استمرارهم في البحث عني، بدأوا يعرضوننا على القاضي بمجموعات وبتهم جاهزة، هو يصدر الحكم، فقط “المؤبد”.
“نقلت إلى مهجع يحتوي أسرة متراصة، ووجوهاً بائسةً. جلست لعدّة أيام لا أكلّم أحداً حتى اقترب شاب مني، أخبرته قصتي وكيف آلت بي الحال إلى ذلك المكان الموحش، يملك هذا الشاب هاتفاً يتكلم به للضروريات، استطعت حينها الوصول لأختي وشرحت لها أني حكمت مؤبد والتهمة كانت مجهزة”.
“أثناء محاولات أختي في الوصول أليّ، جاء قرار بنقلي أنا وبضع أشخاص والشاب الذي عرفته، إلى سجن اللاذقية لنبدأ رحلة جديدة من التعذيب وسط آلاف من المعتقلين، قطعت أخباري عن أهلي مدة طويلة حتى استطعت تأمين هاتف”.
يكمل محمد والقهر في عينيه يكاد ينطق “يصعب تأمين هاتف في سجون النظام، كانوا يتلذذون بفنون اقتلاع الأظافر، أو ترك أحدنا معلقاً كأنّه خاروف أمامهم وفي أيّ لحظة يسلخون أجسادنا”.
لحظة تحس أن نسمات باردة مرت على أطراف جسدك، حين يفتح الباب ويذكر أسماء لينطق بعدها افراج “خرج الشاب قبلي واستطاع الوصول لذويّ يطمئنهم عني، ليبعث الأمل في نفوسهم، وأنّ عودتي لأطفالي باتت ممكنة من جديد”.
كان أهلي بلا معيل ويقدّم بعض الناس لهم المساعدة، تواصل مع أختي رقم غريب يريد أن يرسل لهم مبلغاً مالياً كبيراً ليساعدهم، لكنّ أختي طلبت أن يساعدهم بزيارتي أو عودتي إليهم بدلاً من النقود ظناً منها أنه يكذب، وبعد أيام اتصلت أخبرهم أني خرجت من الأسر لم يصدقوا بدايةً إلى أن وصلت الشمال السوري وتكحلت عيناي برؤيتهم ورؤية أطفالي”.
عشرات الآلاف من المعتقلين يقاسون في سجون النظام جرّاء اعتقالات تعسفية طالتهم، بدون ذنبٍ ارتكبوه سوى مطالبتهم بالحرية والكرامة، والآلاف من هؤلاء المعتقلين لقوا حتفهم تحت أيدي سجاني النظام أثناء التعذيب.
بقلم: فاطمة براء
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع