لقد بطش الفقر والفساد والعوز بالمجتمع الإيراني في ظل بركة نظام ولاية الفقيه وزبانيته وكلاء الإيمان وخلفاء الله على الأرض ، وتفشت المخدرات وتفشى الإدمان وانتشرت الجريمة والفساد الاجتماعي والإداري نتيجة لعدم شرعية وأهلية هذا النظام سياسيًّا أخلاقيًّا ، وساءت علاقاته الدولية لهمجيته ونهجه الإرهابي ما أدى إلى تطبيق الغرب لأقسى العقوبات ضد الشعب الإيراني.
ولنكن دقيقين فيما نقول لم تكن عقوبات الغرب أبدًا ضد نظام الملالي بل كانت ضد الشعب الإيراني فالنظام يمتلك من الموارد ما يكفي ويزيد على متطلبات الثراء الفاحش والحياة المفرطة في الترف لزمرته وعندما يضيق الحال على النظام لسبب ما يركض الغرب ليناوله حزمة من مليارات الدولارات لا تذهب لإغاثة الشعب وإنما تذهب لإنقاذ النظام من السقوط وتوجه تلك الأموال لتعزيز قدرات أجهزة النظام القمعية؛ أما الشعب فلا يأبه الغرب والنظام العالمي له على الإطلاق بل ويخشون ثورته وما ستؤول إليه من حال ولا يرغبون في بديل وطني ديمقراطي حر لذلك يحاول صنع بدائل هربًا من التغيير القادم في إيران على يد الشعب وقواه الوطنية التي تنزف دمًا وتقدم التضحيات تلو التضحيات في دولة إيران المعاصرة منذ أكثر من مائة عام من أجل بناء وطن تكون فيه السيادة والإرادة كاملة بيد الشعب.. لقد أهلكت حقبتا الشاهنشاهية والملالي الرجعيين إيران دولة وشعبًا ومجتمعًا ومقدرات لكنهما أي الحقبتين الفاشيتين لم تتمكنا من إهلاك إرادة الشعب بدليل الثورات المتعاقبة في إيران ومنها ثورة فبراير عام 1979 وثورة الشعب الجارية الآن والتي أوشكت على سحل الملالي في الشوارع ومحاكمتهم وتعليقهم على المشانق بعمائهم جزاءً وقصاصً عادلًا بما فعلوا.. نعم كادت أن تجعلهم من الماضي لولا تدخل تيار الاسترضاء وإنقاذه لهم ، وعلى الرغم من أن تدخلات تيار الاسترضاء هذه قد أضرت بالشعب الإيراني كثيرًا وأعطت الضوء الأخضر للملالي لممارسة المزيد من القمع والقتل ضد الشعب إلا أنها كانت في الوقت نفسه كما يقولون (رب ضارة نافعة) ونفعها هنا هو أنها أيقظت الشعب بأن معركته ليست مع نظام ولاية الفقيه وحده بل معه هو وحلفائه الذين لا يريدون للشعب خيرًا ولا خلاصًا ولا يحتاج الأمر إلى أدلة إثبات فقد بات اللعب على المكشوف علنًا ، فما كان خفيًّا منذ عقود بات اليوم على الملأ بعد أن سُمِح لنظام الملالي باحتلال العراق والهيمنة في لبنان وسوريا وتمزيق اليمن والهيمنة على جزء منه وإنهاك المتبقي، ونشر مفاسده الفكرية والمخدرات والعصابات المسلحة في تلك الدول ، وتنصيب سلطة ميليشيا موالية له على حكم العراق للقضاء عليه وعلى هويته واقتصاده وجعله مخرجًا لأزماته ووسيلة لاستمرار نهجه في المنطقة وفي داخل إيران ومن يطلع ويقرأ بتفصيل في مؤتمر بغداد1 وبغداد2 وبغداد3 المزمع عقده قريبًا سيفهم حقائق الأمور ،
لذا لابد أن تعرف شعوب المنطقة أنه لا خلاص لها مما هي فيه إلا بزوال نظام ولاية الفقيه المتسلط على إيران والمنطقة.
البديل الديمقراطي لمستقبل إيران
تكمن حاجة وخلاص إيران والمنطقة اليوم في مشروع البديل الديمقراطي لمستقبل إيران.. وبالطبع لا يمكن أن يمتدح نظام الملالي أعداءه كذلك لا يمكنه التحلي بشيء الشجاعة واللياقة بالاعتراف بما ارتكبه من جرائم بشعة بحق الشعب وشعوب المنطقة.. وإخفاقاته في إدارة الدولة وصيانة مواردها، بالإضافة إلى تشويه الدين وضرب القيم الاجتماعية السائدة سواء في إيران أو في العراق؛ فمنذ نهبهم السلطة في إيران وموازين القيم الدينية والاجتماعية في تراجع مرعب، وكذلك الحال في العراق بنسخة الملالي الحاكمة وقد تدهور تدهورًا دينيًّا واجتماعيًّا مثيرًا للذعر منذ أن هيمنت القوى المتأطرة بالدين على مفاصل الدولة ومقدراتها وإعلامها وقضائها واقتصادها.
وتصوروا أن ما يحدث على يد الملالي في إيران وفي المنطقة لم يكن هناك ما يتصدى له ويواجهه ويفضحه ويكشف مؤامراته ومخططاته فكيف يكون واقع الحال اليوم.. لذلك لا عجب اليوم لما نراه من هجوم هستيريٍ شرس للملالي على القوى الثورية الإيرانية ومظلة الائتلاف الوطنية الإيرانية (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) ومنظمة مجاهدي خلق وتجنيد وتسخير كافة قدراته الداخلية والخارجية وخفافيشهم الإلكترونية ومن بينها خفافيش ابن الشاه للنيل منهم وكلاهما أي الملالي وزبانية وخفافيش ابن الشاه وفلول أبيه كلاهما يُنفِق من المال العام للشعب الإيراني المال المنهوب في تلك الحقبة البائدة وهذه الحقبة القائمة حقبتي (الشاه والشيخ).
عندما يتطرق الملالي وخفافيشهم وابن الشاه وخفافيشه إلى عدم تأثير هذا التيار أو ذاك وعدم وجود أرضية لهم يؤكدون لنا ولغيرنا من الأحرار عدم صلاحيتهم وشرعيتهم للحكم سواء كان المخلوع منهم والقائم واللاهث لعودة تاج أبيه ، وأنهم ليسوا سوى مجموعة عصابات إجرامية وبلاءً اُبتُلي به الشعب الإيراني ودول وشعوب الشرق الأوسط والعالم ، ومن يتحدث هكذا أحاديث حمقاء للنيل من المقاومة الوطنية الإيرانية والقوى الثورية الإيرانية ليس سوى مُقِر ومرعوب من حجم وجود وتأثير المقاومة الإيرانية والقوى الثورية على أرض الواقع وزلزل الأرض تحت أقدامهم وجعل شغلهم الشاغل هو التنكيل بهم والمساس بسمعتهم ، ولازالت أشرف التي كانت مقيدة محاصرة بالعراق ومقيدة محاصرة اليوم في ألبانيا ترعبهم وتخيفهم على البعد ولم تفلح كافة محاولاتهم للقضاء على أشرف أو المجلس الوطني للمقاومة الإيراني ولم يفلحوا في منع حتى تظاهراتهم ومؤتمرهم السنوي العالمي في باريس.. قامت التظاهرات وأُقيم المؤتمر بنجاح وحظي بإسناد ودعم عالمي واسع من أجل مستقبل أفضل للشعب الإيراني بإقامة جمهورية ديمقراطية حقيقية وغير نووية في إيران تقوم على مبدأ المساواة وعزل الدين عن السلطة واحترام مبدأ الحريات العامة وتلبية حقوق كافة مكونات الشعب الإيراني، وعندما يقف أحرار العالم وأغلبية مشرعيه وقادته إلى جانب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية البديل الديمقراطي لمستقبل إيران هل هذا دليل عدم وجوده وعدم تأثيره؟،
إن حجم أي كيان سياسي يقاس بحجم تأثيره ، وحجم وجوده يتجلى من خلال ما يجري على الأرض من وقائع .. والوقائع على الأرض في إيران تقول إن هناك شعبًا منتفضًا وهناك ذوي شهداء وسجناء وذويهم ومنفيين وذويهم ومتضررين وذويهم ، وأن الإيمان بالمقاومة الإيرانية يسري في تيارين أحدهما صادق ووطنيٌ منتمٍ والآخر إن لم يؤمن فإنه متحالف من أجل إزالة الطغمة الظالمة الحاكمة.. فكيف يكون الوجود من عدمه.. قولوا ما تشاؤون وافعلوا ما تشاؤون فالشعوب هي صانعة النصر وراسمة الغد ، والحق يعلو ولا يُعلى عليه.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي