في إيران المعاصرة يُعدم إنسان أو يُشنق أو يُسجن أو يُعذب أو يُقتل كل بضع ثوان! هذا بالإضافة إلى جرائم السلب والنهب الحكومي في هذا البلد المنكوب الموجع ، وتردي الظروف المعيشية للشعب بسبب انهيار الاقتصاد المؤلم جدًا في هذا البلد ، هذا وقد مضت أكثر من 43 سنة ولا زالت هذه الأوضاع مستمرة.
وفي الجهة المقابلة لذلك ، يخضع للمحاكمة في دولة السويد سفاحٌ يُدعى “حميد نوري” أحد سفاحي نظام الملالي (وهو واحد فقط من السفاحين بدرجة معينة في هذا النظام) منذ ما يقرب من 10 أشهر وحتى الآن لمشاركته في مجزرة الإبادة الجماعية لأكثر من “30” ألف سجين سياسي سنة 1988، وبعد أن أعلن المدعي العام حكمه عليه بالسجن المؤبد وهو (من أشد العقوبات) من المقرر أن يصدر حكمه النهائي في المحكمة في شهر يوليو من هذا العام.
إن الخلاف على «العدالة» في طرفي الحدود مع إيران حقيقة مؤلمة تؤذي قلب كل إنسان حر شريف! فهل تلعب حكومات العالم دورًا في هذا الأمر؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هو هذا الدور؟
المواجهة وجهًا لوجه بين قوتين متعارضتين على قضايا إيران!
مما لا شك فيه فإنّه لولا المقاومة الإيرانية لبقيت قضية السفاح “حميد نوري” دون حلّ ، شأنها شأن العديد من القضايا الإجرامية الأخرى للنظام الإيراني! وقد ظلت وقائع هذه الجرائم بعيدة عن أذهان شعوب العالم ذلك لأنّ النظام الإيراني قد سعى من خلال سيناريو معقد و”مؤامرة قذرة” إلى إخراج “حركة التقاضي من أجل دماء الشهداء” من أيدي المقاومة الإيرانية وحرّف مسارها لتبرئة نفسه وعملائه من جرائمهم!
وليس خافيًا على أحد أنّ العامل الأساسي والرئيسي لجميع الجرائم والنهب والسّلب الممنهج القائم في إيران المعاصرة هو شخص ولي الفقيه أي “علي خامنئي” ومن عينهم الآن وفيما مضى! ، وفي الواقع فإنّ محاكمة حميد نوري أمام محكمة سويدية هي محاكمة للنظام مع عدد كبير من الجرائم التي لا تزال قضاياها معلقة دون حل ، ولذلك لم تأتي تهديدات علي خامنئي وإبراهيم رئيسي ووزير إرهابهما أمير عبد اللهيان بهذا الخصوص للحكومة السويدية من فراغ حين هدّدوا بطريقة إجرامية بإعدام المواطن السويدي الدكتور أحمد رضا جلالي “بتهمة التجسس لصالح النظام الصهيوني”!
تذكير ضروري!
كنّا لا نزال في بداية الغزو غير المشروع لدولة أوكرانيا عندما انفجرت “القنبلة الإنسانية” في العالم ما جعل الحكومات تنهض لتدعم مقاومة الشعب الأوكراني!
ومما لا شك فيه فإنّ دعم مقاومة الشعب الأوكراني هو دعم مشروع ومن الواجب توسيعه ، فتحية للشعب الأوكراني الذي بمقاومته البطولية استهزأ من “الإستسلام” لقوات الاحتلال وغيّر ثقافة المجتمعات البشرية مثلما استهزأ السجناء السياسيون المقاومون بالجلادين وسفاحي نظام الملالي الذين يمارسون أشدّ وأقبح أنواع التعذيب داخل السجون!
نموذجين تاريخيين مختلفين في الخمسين سنة الماضية!
في مقارنة خميني الذي فرض شكلاً أسوأ بكثير من دكتاتورية الشاه بسرقته لقيادة ثورة الشعب الإيراني سنة 1979 مع رئيس الجمهورية الأوكرانية المُنتخب من قبل الشعب الأوكراني الذي أختار الخيار الأفضل بالبقاء بين أفراد الشعب الأوكراني (ولم يقبل بدعوات الدول له بمغادرة البلاد) ووضع تاريخ شعبه ودولته في ذروة الشرف والثبات وإن لم يفعل ذلك لبقيت أوكرانيا الآن تحت احتلال المحتل ولن يتبقى شيئًا من مكانة الشرف والمقاومة والإنسانية في هذه المنطقة من العالم!
لكنّ خميني هذا الذي أصبح “ملعونًا في التاريخ” وفور وصوله إلى السلطة على الفور مهّد الأرضية اللازمة للحملات العسكرية في دول الجوار، والإرهاب ضدّ دول العالم ، وعرّض المجتمع البشري المعاصر للخطر من خلال الترويج لثقافة الإرهاب والأصولية. ذلك التهديد الذي لو لم تكن المقاومة الإيرانية لكان مصير الدنيا والعالم رهينة الآن بيد هذا النظام ذلك لأنّ خميني وأتباعه يريدون أن تكون لهم الكلمة الأخيرة في المعادلات الإقليمية والعالمية وإقامة الدولة بالإرهاب وخاصة مع امتلاك الأسلحة النووية ، لكن المقاومة الإيرانية أيقظت العالم على هذه الكارثة بفضح المشاريع النووية لنظام الملالي ، ومن هذا المنطلق شجّعت العالم على الوقوف في مواجهة النظام الإيراني!
نظرة موجزة على المواجهة التاريخية في إيران!
بالتوازي مع الجرائم ومجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبها بحق الشعب الإيراني وخاصة ضد القوة الرئيسية للمقاومة أي “منظمة مجاهدي خلق” قام نظام الملالي بأعمال كارثية أخرى داخل إيران وخارجها من بينها:
• السعي إلى شيطنة المجاهدين وبكلفة تصل إلى عدة مليارات من الدولارات ، وإرسال مرتزقتهم صغارًا وكبارًا إلى المشهد (مشهد العمل المعارض) لا سيما تحت غطاء معارضة النظام ، وبشعارات أكثر بريقًا لتبدو في ظاهرها يسارية وديمقراطية تحررية ، إلخ…
• إضفاء الطابع المؤسسي على ظاهرة تسمى “زواج القاصرات” والتشجيع على ذلك والترويج له وإضفاء الطابع المؤسسي عليه وتخصيص قروض من عشرات الملايين من الدولارات “للزواج” في إيران (ولمرتزقة النظام خارج إيران) بهدف تضليل الرأي العام ومنع الشباب الإيراني من دخول ساحة النضال ضد النظام ، وكذلك لاستبدال الأجيال الجديدة بالأجيال الأولى للثورة الذين كانوا في معظمهم أكثر دراية بطبيعة النظام وسياساته وبرامجه.
• السعي لإبقاء المجتمع الإيراني وخاصة جيل الشباب غير مدرك بوجود مقاومة عميقة الجذور في المجتمع وذات تاريخ طويل من النضال ضد دكتاتوريتي الشاه والملالي من خلال إخفاء الحقائق وتوجيه وسائل الإعلام والرقابة واسعة النطاق ، وإزالة آثار الجرائم والجنايات ومن ضمنها هدم وإزالة المقابر الجماعية وكل الآثار الدالة على جرائمهم ، وهدم مراقد الشهداء و غير ذلك من الأعمال الإجرامية الإحترافية.
• استخدام فلول نظام الشاه الدكتاتوري وعملائه الأجانب لتهميش المقاومة الإيرانية. المقاومة التي قُتِلَ منها حتى الآن أكثر من 120 ألف شهيد من قواتها على يد نظام الإبادة الجماعية هذا لجعلها أي المقاومة تبدو غير مشروعة.
• نشر وفرض الفقر والغلاء والبطالة والإدمان وغير ذلك في المجتمع لتوريط البشر في أبسط مشاكل الحياة ، وإثارة الرعب في نفس الوقت بالمجتمع لمواجهة الانتفاضات الشعبية وكان من بين تلك الإنتفاضات إنتفاضة نوفمبر 2019 التي راح ضحيتها أكثر من 1500 شاب إيراني.
و غير ذلك كثير…
كلمة أخيرة!
تخيلوا الآن ومع هذه الإشارة الطفيفة إلى حقائق لو لم تكن المقاومة الإيرانية حاضرة في كل الصراعات والمواجهات الواجبة ضد هذا النظام فماذا سيبقى من إيران والإيرانيين والمنطقة وما هو أوسع من ذلك ، وفي أيّ ظروف مؤلمة سيكون المجتمع البشري وأيّ غدة “سرطانية” قاتلة ستكون في جسده “جسد المجتمع البشري”.
ألم يحن الوقت لقيام الحكومات بواجباتها الإنساني، وتصمم على الوقوف إلى جانب مقاومة الشعب الإيراني وطرد مثل هذا النظام من المجتمع البشري ، ورسم مستقبل مشرق لشعبها؟
مقال رأي بقلم : بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)