تدرك إيران أن الاقتصار على الوجود العسكري فقط في سوريا لن يضمن لها نفوذا دائما، وبناء على ذلك تسعى لتنويع أشكال هذا الحضور، ومن ذلك وضع اليد على قطاعات اقتصادية حيوية في هذا البلد.وفق العرب اللندنية .
دمشق – تعمل إيران على توسيع استثماراتها في سوريا لتشمل معظم القطاعات الاقتصادية، مستغلة في ذلك حاجة الحكومة السورية لإنعاش اقتصادها الذي تضرر بشكل كبير بفعل الحرب المستمرة منذ نحو إحدى عشر عاما، والعقوبات الغربية المرهقة.
ويرى محللون أن إيران تسعى لبناء نفوذ دائم وصلب في سوريا، ويتخذ هذا النفوذ أشكالا مختلفة بين الحضور الأمني والعسكري والاقتصادي.
وصادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية مؤخرا على تأسيس ثلاث شركات جديدة تعود ملكيتها لمستثمرين من الجنسية الإيرانية واللبنانية، وسمحت لهم القيام بأعمال واختصاصات متنوعة.
وزارة التجارة السورية تصادق مؤخرا على تأسيس ثلاث شركات جديدة تعود ملكيتها لمستثمرين لبنانيين وإيرانيين
ونقل موقع “أثر برس” السوري عن مصادر قولها إنه تمت المصادقة على تأسيس شركة “بيت الأمراء للإكساء” المحدودة المسؤولية، وستعمل في تجارة واستيراد وتصدير كافة مواد الإكساء والديكور، والأجهزة الإلكترونية، والكهربائية وصيانتها، والمواد الصحية، والقيام بأعمال التعهدات والمقاولات.
وتعود ملكية الشركة إلى ثلاثة مستثمرين من الجنسية اللبنانية، وتم تحديد المركز الرئيسي لها في ريف دمشق، وسيتولى إدارة الشركة “ر.ص”، وهو أحد المؤسسين للشركة ويمتلك نسبة خمسة وسبعين في المئة من رأس المال.
كما صادقت وزارة التجارة السورية على تأسيس “شركة نادينتك التجارية” و”شركة برشين تجارت جانكو” اللتين تم تأسيسهما من قبل مستثمرين من الجنسية الإيرانية.
وتختص الشركة في تجارة أجهزة المراقبة والحراسة وتجهيزات الإنذار والأدوات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والمعلوماتية والصناعات البصرية، وتجارة أجهزة السكنر الذي يستعمل لأغراض أمنية.
واتخذت “نادينتك” من العاصمة السورية دمشق مقرا رئيسيا لها، وتم تأسيسها من قبل المستثمرين “س.ح” و”س.ق” وكلاهما من الجنسية الإيرانية وسيتوليان أمور إدارة الشركة.
وحصل مستثمرون إيرانيون على ترخيص لتأسيس “شركة برشين تجارت جانكو” المختصة في الاستيراد والتصدير للمواد الغذائية ودخول المناقصات والمزايدات، وتتخذ هذه الشركة من العاصمة السورية دمشق مقرا لها، وسيتولى إدارتها المؤسسان لها وهما “ف.ح” و”ع.ب”.
وسبق وأن أعرب مسؤولون إيرانيون عن عدم رضاهم حيال نسق العلاقات الاقتصادية مع سوريا، الذين وصفوه بـ”المنخفض”، مشيرين إلى أهمية زيادة ضخ المزيد من الاستثمارات.
وقال نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية – السورية علي أصغر زبرداست في وقت سابق إن العلاقات التجارية بين إيران وسوريا منخفضة، لكن هناك قدرة على زيادة العلاقات. وأضاف زبرداست أن “الفوائد الاقتصادية لسوريا تذهب لروسيا، وكذلك إلى دول أخرى، بينما علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع دمشق بطيئة”.
وانخرطت إيران منذ العام 2013 بقوة في الأزمة السورية عبر استقدام ميليشيات شيعية موالية لها، على غرار حزب الله اللبناني، وكتائب حزب الله العراقي، ولواء “فاطميون” الأفغاني، ولواء “زينبيون” الباكستاني، إلى جانب العشرات من المستشارين من الحرس الثوري الإيراني.
لمشاهدة فيلم حول اغتصاب حقوق السوريين في حلب اضغط هنا .
وتزعم طهران أن وجودها في سوريا يندرج في سياق مساعدة الحكومة على التصدي للتنظيمات الإرهابية وحماية المراقد الشيعية، لكن محللين يرون أن إيران تريد استغلال الأزمة السورية في سياق مخطط يطلق عليه الحزام الشيعي والذي يمتد من العراق مرورا بسوريا فلبنان المطل على البحر المتوسط، كما أنه من بين الأهدف الأخرى لطهران هو خلق جبهة متقدمة ضد إسرائيل.
ويشير المحللون إلى أن التركيز الإيراني ظل على امتداد السنوات الأولى من الحرب منحصرا في البعد العسكري، قبل أن تدرك طهران أهمية منحه أبعادا إضافية، تحسبا لأي تسويات لاحقة قد تنعكس على هذا الوجود الذي يتعرض بشكل مستمر لضربات إسرائيلية.
ويلفت المحللون إلى أنه منذ العام 2016 بدأت طهران تظهر رغبة في تعزيز استثماراتها الاقتصادية في سوريا، ووقعت في العام 2017 خمس اتفاقيات مع دمشق، في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية، والصناعة، والنفط، والاتصالات، والموانئ في طهران.
ووصفت الحكومة السورية تلك الاتفاقيات بأنها “نواة لكتلة كبيرة من التعاون المشترك بين البلدين في مجال الاقتصاد والاستثمار وإنشاء المصانع وإعادة الإعمار“.
وبحسب تقارير إخبارية فقد خصصت تلك الاتفاقيات 5000 هكتار في سوريا لإنشاء ميناء نفطي، و5000 أخرى أراض زراعية، ومناجم الفوسفات جنوب مدينة تدمر.
وأبرمت إيران في نفس العام مذكرة تفاهم بين البلدين من أجل التعاون في مجال القطاع الكهربائي، وتضمنت المذكرة، بحسب “الحل نت” إنشاء محطات توليد ومجموعات غازية في الساحل السوري، إضافة إلى إعادة تأهيل محطات طاقة في دمشق وحلب وحمص ودير الزور وبانياس.
وأعلنت الحكومة الإيرانية في مارس الماضي الاتفاق مع الحكومة السورية لإطلاق بنك مشترك بهدف تسهيل التعاملات التجارية بين الجانبين.
وأفاد وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني رستم قاسمي بالتوصل إلى توافقات جيدة وتقرر افتتاح بنك مشترك وعلى ضوئه سيتم إنشاء متبادل لفروع بنوك محلية بين الجانبين. وأضاف “تم اتخاذ قرارات بمختلف المواضيع، لاسيما بمجال إنشاء مناطق تجارية حرة مشتركة”.
ويرى محللون أن طهران تسعى بالواضح لضمان السيطرة على القطاع المصرفي في سوريا، مستغلة الضعف الذي تعاني منه الحكومة السورية.
وفكرة تأسيس بنك مشترك ليست بالمستجدة، بل سبق وأن طرحت قبل اندلاع الأزمة في سوريا، وتحديدا في العام 2009، على شكل شركة مساهمة سورية باسم “مصرف الأمان”، ومقره الرئيسي في دمشق برأسمال قدره 1.5 مليار ليرة سورية.
وكان من المزمع أن يتولى مستثمرون إيرانيون وسوريون تأسيس هذا البنك، على أن تكون النسبة الأكبر من الأسهم لصالح الإيرانيين، وكان من المفترض أن يجري طرح أسهم البنك للاكتتاب العام في سوريا في يوليو من العام 2011، لكنه تأجل لظروف “قاهرة”، بحسب تصريحات لرئيس “مجلس الأعمال السوري الإيراني” حسن جواد.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع