قلَّل مسؤولون إيرانيون من التوقعات بإبرام اتفاقية لإنتاج البترول، وقالوا إن اجتماع الأوبك “تشاوري”، وجدّدوا تعهدهم بزيادة الإنتاج.
وتجتمع الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مساء اليوم الأربعاء 28 سبتمبر/ أيلول 2016 بشكل غير رسمي في محاولة للتوصل إلى اتفاق يسمح برفع الأسعار المنهارة منذ منتصف 2014، فيما تتضاءل فرص التوصل إلى اتفاق بين الدول النفطية بسبب التعنت الإيراني.
وكما كان متوقعاً، برزت خلافات كبيرة بين إيران والسعودية، القوتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، ما يعتبر مؤشراً إلى عرقلة أي اتفاق.
وجاء تعليق وزير البترول الإيراني، بيجان زنكنه، إلى وسائل الإعلام الإيرانية الحكومية، تزامناً مع وصول وزراء الطاقة من أنحاء العالم إلى الجزائر لحضور مؤتمر مدته 3 أيام، من المقرر أن يكون حدثه الأهم اليوم الأربعاء بلقاء غير رسمي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).
سقف للإنتاج
وسوف تدرس المنظمة، ذات الـ١٤ بلداً، حدود سقف إنتاجها، والمعروف باسم تجميد الإنتاج، وهو الأمر الذي تأمل بعض الدول الأعضاء أنه سوف يرفع أسعار البترول بعد عامين من الانخفاض، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2016.
وكانت أسعار تداول النفط قد زادت بمقدار ٣٪ يوم الإثنين، على أمل أن يؤدي اتفاق أوبك في الجزائر على التخفيف من آثار الفائض العالمي من النفط. لكن زنكنه قال، يوم الأربعاء، إن المحادثات ليست سوى مفاوضات قبل الاجتماع الدوري للأوبك المقرر عقده في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني بفيينا.
وقال زنكنه لشانا، وهي خدمة إعلامية حكومية متعلقة بقطاع البترول الإيراني، إن محادثات الجزائر “يمكن النظر إليها على أنها إعداد، إذ يجري الآن التجهيز لاستقرار السوق”.
وكانت منظمة الأوبك، تحت قيادة المنتج الأكبر، السعودية، قد تخلت عن دورها التقليدي بقطع الإنتاج وجعل النفط أكثر ندرة لرفع سعره في السوق، وذلك عندما هبطت أسعار النفط في ٢٠١٤.
وقال السعوديون حينها إن الازدهار في قطاع البترول الأميركي قد جعل من توقعات تحركات تقليل أوبك للإنتاج أقل فاعلية، قائلين إن من الأفضل لهم أن ينتجوا أكبر قدر ممكن، وأن يتنافسوا على حصص من السوق.
بعد سنتين من ذلك التاريخ، ظلت أسعار النفط أقل من نصف ما كانت عليه في ذروتها في ٢٠١٤ (بسعر ١١٤ دولاراً للبرميل) لخام برنت، وهو المقياس الدولي، ويطالب الآن أعضاء في الأوبك، مثل الجزائر وفنزويلا، المنظمة أن تمارس نفوذها مرة أخرى.
خلافات إيرانية سعودية
ولا تزال العقبة الأساسية أمام إبرام صفقة هي الخلافات بين السعودية وإيران، وهما القوتان الإقليميتان اللتان تتنافسان على النفوذ في الشرق الأوسط.
وتسعى إيران إلى الوصول إلى إنتاج أربعة ملايين برميل يومياً، وهو المستوى الذي تقول إنها كانت تنتجه قبل أن تشل القيود الغربية، التي بدأت منذ عام ٢٠١٢، صناعتها النفطية.
وقال مسئول إيراني في طهران، قبل تصريحات زنكنه، إن بلاده لا تزال ملتزمة بسقف إنتاج يبلغ ٤.٢ براميل يومياً.
وكانت السعودية قد عرضت تقليل إنتاجها إلى مستوى إنتاج شهر يناير/كانون الثاني، لو قامت إيران بتثبيت إنتاجها على مستوياته الحالية البالغة ٣.٦ ملايين برميل يومياً، بحسب أشخاص مطلعين على اقتراح المملكة.
وكانت جهود مماثلة للوصول لتجميد الإنتاج قد انهارت في قطر بسبب الخلاف السعودي الإيراني، لكن وزراء النفط قالوا إن الوضع في أسواق النفط قد أصبح أكثر حرجاً منذ ذلك الوقت.
وقال وزير النفط العراقي، جبار لعيبي، بعد وصوله إلى الجزائر “نحن هنا لنناقش كل خيار ممكن للوصول لسعر جيد” وأضاف إنه يريد للأسعار أن ترتفع.
ومع ذلك، فإن إيران تواجه تحدياً مشتركاً مع أعضاء أوبك. وقد قال مسئولون من البلاد، بما فيهم السيد لعيبي، إنهم يريدون تجميد إنتاج النفط من أجل زيادة الأسعار، لكن العراق تضخ رقماً قياسياً من النفط وتقول إنها تريد زيادة إنتاجها أكثر من ذلك.
فجوات كبيرة
وأدلى وزير النفط النيجيري إيمانيويل كاتشكو بملاحظة متفائلة قائلا إن “من المؤكد” أنه سوف يكون هناك اتفاق هذا الأسبوع. لكن نيجريا التي تريد العودة بإنتاجها إلى المستويات السابقة لتعرضها لسلسلة من الهجمات على أنابيب النفط، ربما تطالب باستثنائها من ذلك التجميد.
كما أن ليبيا، التي قل إنتاجها بسبب القتال بين الميليشيات و”الدولة الإسلامية” (داعش)، تريد استثناءها أيضاً من ذلك التجميد.
وكانت فنزويلا كذلك قد تعرضت لانخفاض في الإنتاج، إذ تواجه حالياً أزمة اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط. وقال وزير النفط يولوجيو ديل بينو إن لديه “العديد من التوقعات” من أوبك ذلك الأسبوع.
وقالت المنظمة في بيان صحافي إن من المقرر أن يلتقي السكرتير العام لمنظمة الأوبك، محمد باركيندو، مع وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، هذا الأسبوع، بالإضافة إلى اجتماعه مع مسرز، وديل بينو، وزنكنه ووزراء آخرين.
وقال وربين ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة، وهي شركة استشارية مقرها دبي، “إن من المرجح أن تستخدم أوبك هذا الأسبوع للوصول لاتفاق، لا قرار”.
وقال: “إنه لا يزال هناك فجوات كبيرة بين السعودية وإيران والعراق، إلى جانب معضلة التعامل مع نيجيريا وليبيا وفنزويلا”.
ومن المسائل المهمة أيضاً الاشتراك الروسي في تجميد النفط. ليست روسيا عضواً في الأوبك لكنها تنتج نفطاً أكثر من أية دولة أخرى، إذ كسرت الرقم القياسي في الإنتاج منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بأكثر من ١١ مليون برميل يومياً هذا العام.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد قال في سبتمبر/أيلول إن تجميد إنتاج النفط سوف يكون اتفاقاً جيداً، لكن وزير الطاقة ألكساندر نوفا قال في الجزائر، يوم الاثنين، إن روسيا لم تقرّر بعد. وأضاف: “سوف نناقش هذا الأمر اليوم”.
هافينغتون بوست عربي