أكد كبير مستشاري علي خامنئي والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، الجنرال يحي رحيم صفوي، أن المرحلة المقبلة ستكون موجهة نحو تعزيز دعم حلفاء طهران في المنطقة، في خطوة تعكس إصرار الأخيرة على سياساتها العدوانية تجاه الدول العربية.
وجاءت تصريحات صفوي خلال حديثه عن الاستراتيجية الإيرانية على مدى العشرين سنة المقبلة في المؤتمر الوطني الجيوسياسي الذي انعقد بطهران.
وركز مستشار خامنئي للشؤون العسكرية على حزب الله اللبناني الذي يعد أبرز أجنحة إيران العسكرية في المنطقة.
وقال القائد السابق للحرس الثوري “سنعمل على تقوية حزب الله في لبنان وبلوغه الاكتفاء الذاتي بحيث يتمكن من الحفاظ على قدراته على الساحة اللبنانية وتوازن الرعب مع إسرائيل”.
وأوضح أن تقديم الدعم للحزب اللبناني سياسيا وعسكريا يصب في صالح تعزيز ثقل إيران السياسي وتأثيرها إقليميا.
ويواجه حزب الله في الفترة الأخيرة ضغوطا كبيرة نتيجة الإجراءات المتواترة التي ما فتئت تتخذها الولايات المتحدة الأميركية تجاهه خاصة على صعيد تجفيف مصادر دعمه ماليا، عبر تكبيل حرية المؤسسات والشركات والشخصيات التي تتعامل معه، ووضع عدد منها على لائحاتها العقابية.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في 15 من الشهر الجاري عن لائحة تضم أسماء 95 شخصية ومؤسسة مرتبطة بالحزب يحظر على البنوك التعامل معها.
ويتوقع متابعون أن تتوسع القائمة لتضم شخصيات ومؤسسات أخرى مستقبلا.
وبالتوازي مع التحركات الأميركية لتضييق الخناق على الحزب المتهم بالتورط في أعمال إجرامية عابرة للقارات، اتخذت معظم الدول العربية وعلى رأسها المملكة السعودية إجراءات بحقه حيث تم إدراجه ضمن التنظيمات الإرهابية في أكثر من هيكل ومنظمة عربية، كما قامت دول خليجية بترحيل العديد من اللبنانيين الموالين له، ومنع آخرين ينتمون إليه من التوجه إليها.
وهذه التحركات العربية والغربية تؤكد وجود تنسيق وعمل مشترك متفق عليه مسبقا لمحاصرة الحزب الذي بات يهدد لا السلم اللبناني فقط بل العالمي أيضا.
وأمام هذا الواقع الذي يواجهه حزب الله تعمل إيران على إنعاشه حتى يتمكن من الاستمرار في تنفيذ أجندتها التوسعية في المنطقة.
فالحزب يعد ضمانتها الوحيدة لإبقاء نفوذها في لبنان، وهو أداتها للتدخل في أكثر من بلد عربي آخر ومثال ذلك سوريا والعراق واليمن.
وليس حزب الله وحده من تراهن عليه إيران للإبقاء على حضورها فهناك الرئيس بشار الأسد الذي ما تزال تعتبره خطا أحمر لا يمكن المساس به، عند الحديث عن أي حل سياسي في سوريا.
وأوضح كبير مستشاري خامنئي أنّ منع سقوط بشار الأسد وتقسيم سوريا هما من الخيارات الاستراتيجية لإيران.
وهناك قناعة متزايدة لدى صقور النظام الإيراني بأن لا أحد بإمكانه الحفاظ على وجودهم في سوريا غير الأسد في شخصه، وأن تنحيته ستعني نهاية هذا النفوذ.
وهو ما يفسر الدعم الكبير الذي منحته ومازلت تمنحه إياه عسكريا وسياسيا للحيولة دون سقوطه.
وفي تعقيب له على تصريحات صفوي اعتبر القيادي في تيار المستقبل أحمد فتفت أن ما قاله الأخير ليس مستغربا على الإطلاق “فالرئيس السوري وحزب الله هما رمزان للتوسع الإيراني في المنطقة. الأسد يأخذ دور الحليف وحزب الله يأخذ دور المنفذ”.
وقال فتفت لـ“العرب” إن الحديث عن تأمين “اكتفاء ذاتي لحزب الله هو كلام سياسي لا أفق واضحا له، وربما يكون المقصود به ذلك الدفق الذي يمتد من إيران إلى العراق ويصل إلى لبنان، والذي قد يؤمن للحزب حضورا فاعلا ومتينا”.
ولفت إلى أن كلام مستشار خامنئي قد يكون موجها بالأساس إلى الداخل الإيراني وتحديدا إلى الشق الذي يوصف بالحمائم.
وصفوي يعد أحد أبرز المنتقدين للتيار “المعتدل” الذي يمثله الرئيس حسن روحاني الذي يتبنى سياسة أكثر انفتاحا مع الغرب.
وقد سربت وسائل إعلامية إيرانية مقربة من دوائر صنع القرار على مدار الأشهر الماضية معطيات عن وجود خلافات بين هذا التيار والصقور الذين يشرفون على الحرس الثوري حول الموقف من الرئيس السوري بشار الأسد، وأيضا من حزب الله.
ووفق التسريبات فإن تيار روحاني يرى أن الاستمرار في تحمل أعباء الدفاع عن النظام السوري بات مكلفا ويعيقهم ديبلوماسيا، كما أن هذا التيار لا يرى سببا في هذا التشدد حيال دعم حزب الله اللبناني.
ورغم أن تيار “الحمائم” في إيران باتت له كلمة مسموعة، ولكن يبقى الصقور هم المسيطرين على مفاصل القرار، وبالتالي فإن انتظار دعم متزايد للحزب والأسد في الفترة المقبلة متوقع.
ويقول السياسي اللبناني مصطفى علوش لـ“العرب”، “بالنسبة إلى إيران بات واضحا أن تثبيت النظام السوري هو المدخل الأساسي لتثبيت حزب الله والمحافظة عليه”، باعتباره طرفا رئيسيا في استراتجيتها العدوانية تجاه المنطقة العربية.
العرب