القوة الجوية الروسية، الجيش العربي السوري وحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإسلامي الإيراني، كلها مؤسسات مثلت قوة كبيرة في سوريا. تهدف تلك القوة لاستعادة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، كجزء من حملة متعددة الجبهات لتقويض المكاسب التي حققتها قوى المعارضة في عام 2015. وإذا كان الدور الروسي الجديد لاستهداف المعارضة السورية واضحًا إلى حد ما، إلا أن طبيعة التصعيد الإيراني على أرض الواقع على ما يبدو لا يزال لغًزا، مع تبعاته الكبيرة المحتملة.
وبينما قامت إيران في الأسابيع الأخيرة بإرسال نحو 2000 من مقاتلي الميليشيات التي تدعمها إلى الخطوط الأمامية في سوريا، فإنها وبشكل رسمي تواصل القول أن قواتها في سوريا هم فقط مستشارون وليست قوات برية بالمعنى التقليدي.
ومما يعكس التورط الإيراني في الحرب في سوريا منذ بدأت في عام 2011، فقد أعاد القادة ذوي الخبرة والعناصر المتخصصة من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى قوات التعبئة الشعبية (الباسيج)، الخبراء في الحرب بالوكالة، ومكافحة التمرد، والعمليات شبه العسكرية، أعادوا بناء قوات الأمن السورية وتحويلها إلى جيش ميليشيات تقليدي، مضافًا إليه قوات حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية الأخرى من أفغانستان والعراق.
وعلى الرغم من أن الإيرانيين لم يطلقوا الرصاص بشكل مباشر في ميدان المعركة، إلا أنهم بارعون في دفع الآخرين نحو القتال والموت في الميدان.
بالتأكيد باتت طهران وموسكو بحاجة لقيادة جديدة تقود وتعزز دفعة النظام السوري الجديدة في حلب وأماكن أخرى. ولكن لا تزال التقارير تظهر أن هذه القوات الجديدة تشارك أيضًا في القتال بشكل مباشر. وتظهر الزيادة الملحوظة في الإعلان عن مقتل أعضاء مرتبطين بالحرس الثوري ووحدات التعبئة الشعبية النظام الإيراني على الأقل أكثر راحة في الكشف علنًا عن جنوده الذين سقطوا، وربما يشير إلى أن طهران تضع كثيرًا من شعبها في طريق الأذى.
القادة في طهران يشيرون أيضًا إلى ذلك التحول. وزير الخارجية جواد ظريف أعلن أن دور إيران في سوريا قد تغير. وأشار عدد من كبار المسؤولين إلى أن إيران يمكن أن توسع وجودها العسكري في سوريا إذا طلب منها ذلك من قبل دمشق أو موسكو.
لماذا إذن تبدو مشاركة القوات الإيرانية في القتال بشكل مباشر في سوريا أمرًا مهمًا؟
أولًا، يمثل ذلك التحول التطور التاريخي، وربما تغييرًا في العقيدة العسكرية. للمرة الأولى منذ الحرب بين إيران والعراق في ثمانينات القرن الماضي، يمكن لوحدات الحرس الثوري أن تتصرف باعتبارها قوة تدخل سريع بدلًا من كونها جهة استشارية كالمعتاد. وحتى لو كان هذا التحول هو بدافع الضرورة، فإن بقية دول الشرق الأوسط الآن يجب أن تقلق بشأن معركة القوات الإيرانية التي باتت على استعداد للقتال عبر الحدود المفتوحة، وليس فقط من قبل وكيل في الظل.
ثانيًا، يشير ذلك إلى عمق مشاكل طهران ودمشق فيما يتعلق بتصعيد قوة كافية لتأمين الأراضي السوريةا0. من المعقول أن نفترض أن إيران لا ترغب في الدفع بمقاتلي النخبة من الحرس الثوري، ولكن قد لا يكون هناك خيار آخر. هذا الانتشار الصغير نسبياً للحرس الثوري يمكن أن يكون حالة اختبار لتصعيد أكبر إذا لزم الأمر.
ثالثا، قد يعكس المتطلبات التشغيلية والإستراتيجية لتدخل روسيا. عمليًا، ريما يكون بوتين قد أصر على القوات الإيرانية الجديدة للمساعدة في ضمان تحقيق انتصار على الأرض قبل استخدام قواته الجوية. إستراتيجيًا، روسيا قد تكون أكثر استعدادًا للتضحية بالأسد، دمشق، أو الموقف الإيراني الناشئ ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان، إذا ضمنت التسوية التي تحفظ مصالح بوتين وقاعدة بحرية روسية على طول ساحل البحر المتوسط. قد يكون تصعيد طهران ردًا على المخاوف من فقدان السيطرة الإستراتيجية لروسيا، ومحاولة لضمان النفوذ الإيراني في أي مفاوضات.
ما هو على الأرجح أكثر أهمية لقائد قوة القدس قاسم سليماني والمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو ما إذا كان هذا الانتشار الجديد سوف يكون كافيًا لتلبية توقعات بوتين وتحويل دفة الأمور بالنسبة للأسد. الحرس الثوري هو بالفعل في الأراضي العشوائية. إذا كان القتال في حلب وأماكن أخرى سيمتد لأكثر من بضعة أشهر، من يدري ماذا ستكون الخطوات التي ستتخذها إيران في الخطوة التالية؟
ترجمة: ساسة بوست