صنعاء – قال مسؤولون أميركيون إن إيران وظفت علاقتها الجيدة مع سلطنة عمان في زيادة كميات الأسلحة المهربة إلى الحوثيين وأن البعض من هذه الأسلحة قد يكون استخدم في مهاجمة سفن أميركية وإماراتية في البحر الأحمر والبحر العربي.
وقد يزيد هذا التقرير في حالة البرود القائمة بين سلطنة عمان والدول الخليجية الأخرى، وخاصة السعودية التي لم تعد تقبل في علاقتها المتوترة مع إيران أنصاف المواقف من دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي.
وقال المسؤولون إن إيران صعدت عمليات نقل السلاح للحوثيين، وإن جانبا كبيرا من عمليات التهريب تم عن طريق سلطنة عمان بما في ذلك عبر طرق برية استغلالا للثغرات الحدودية بينها وبين اليمن.
وقالت مصادر يمنية مطلعة إن قوات الجيش الوطني اليمني تواصل وبشكل مستمر ضبط شحنات سلاح مخبأة في شحنات من المواد الغذائية يعتقد أنها قادمة من سلطنة عمان عبر منفذ “صرفيت” الذي يربط عمان في محافظة المهرة بأقصى شرق اليمن.
وأضافت المصادر أن بعض الشحنات عبرت من خلال منفذ “شحن” اليمني نتيجة لضعف الإجراءات الأمنية غير أن بعضها ضبط في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية وهي في طريقها إلى مناطق نفوذ الانقلابيين.
وسارعت وزارة الخارجية العمانية في أول رد لها على التقارير التي تحدثت عن تهريب الأسلحة بشكل منتظم من عمان إلى اليمن إلى نفي قيامها بهذا الأمر.
وأكدت الوزارة في “تغريدات” على صفحتها الرسمية على “تويتر” أن لا صحة لما نشرته وكالة “رويترز” حول تهريب أسلحة عبر الأراضي العمانية إلى اليمن، “لا سيما أن السواحل اليمنية القريبة من السواحل العمانية لا تقع تحت أي سلطة حكومية في اليمن حيث أصبحت متاحة للتهريب”.
وتساءلت الخارجية العمانية عبر حسابها الرسمي “لماذا لا يناقش التهريب عبر سواحل اليمن الفسيحة؟ والأمر غير خاف أن السلاح يباع بكثرة في وادي عبيدة (مأرب) وهو متاح لكل من يريد أن يشتري”.
وأشارت إلى أن “علاقة سلطنة عمان مع جميع دول الخليج طيبة”، مؤكدة أن دول مجلس التعاون جميعا تبحث عن مخارج للأزمات في المنطقة لأن دول الخليج كتلة متماسكة (…) ولن نتخلى عن دعم العرب”.
وكانت “العرب” قد كشفت في وقت سابق عن استخدام الحوثيين لساحل محافظة شبوة (جنوب اليمن) ممرا رئيسيا لعمليات تهريب السلاح التي تصل إليها من أماكن متعددة، إلى منطقة “بيحان” وهو ما يفسر تمسك الحوثيين بهذه المنطقة الصحراوية التي تحيط بها قوات الجيش الوطني من كل الجهات.
وأشارت مصادر “العرب” في حينه إلى أن ساحل محافظة شبوة مرورا ببيحان، بات آخر وأهم شرايين إمداد الانقلابيين بالسلاح، نظرا لصعوبة مراقبة هذا الساحل المفتوح على المحيط من قبل قوات التحالف العربي، على العكس من منطقة البحر الأحمر.
ولم يتهم المسؤولون الأميركيون عمان بالمشاركة في نقل الأسلحة ولكنهم أشاروا إلى أن السلطات العمانية تغض الطرف عن عمليات التسلل والتهريب.
ولم تستبعد مصادر مطلعة لـ”العرب” حصول الحوثيين على صواريخ متطورة عبر عمليات التهريب التي تضاعفت في الآونة الأخيرة، قد تكون من بينها الصواريخ التي تم من خلالها استهداف المدمرة الأميركية بالقرب من مضيق باب المندب، إضافة إلى صواريخ سام المضادة للطائرات التي عثر عليها الجيش الوطني في منطقة البقع بمحافظة صعدة.
وقال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن “هناك أنباء مقلقة جدا من الحدود اليمنية العمانية تفيد بتصاعد وتيرة التهريب المسكوت عنه للأسلحة إلى ميليشيا الحوثي، تحت إشراف المخابرات والحرس الثوري الإيرانيين”.
وأضاف التميمي في تصريح لـ”العرب” أنه “تم إيقاف عدد من الشاحنات في شبوة تحمل مساعدات غذائية وتبين أن الجزء الأكبر من حمولتها ذخائر وأسلحة متنوعة لصالح الانقلابيين، وهناك شاحنات تتبع تجارا في صنعاء تنتقل عبر الحدود دون تفتيش ما يعزز من الاعتقاد بأن ثمة سياسة متساهلة للغاية إزاء نشاط تهريب منظم للأسلحة إلى ساحة ملتهبة مثل اليمن”.
واعتبر التميمي أن مردّ القلق هو أن السلطات العمانية لم تبادر إلى تشديد الإجراءات الرقابية ضد عمليات التهريب بما يسكت الإشاعات والاتهامات الموجهة لها بالانحياز إلى الحوثيين، وتفضيل علاقتها مع إيران على عمقها الخليجي.
وقال متابعون للشأن اليمني إن إيران تسللت عبر سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها سلطنة عمان تجاه الملف اليمني لتوسع الهوة بين مسقط وبقية العواصم الخليجية، خاصة بعد أن فتحت أبوابها أمام الوفود الحوثية وسمحت لهم بالبحث عن الاعتراف الدولي في وقت تعتبر بقية دول الخليج الجماعة الحوثية جماعة انقلابية لا حوار معها قبل التراجع عن سيطرتها على اليمن من بوابة القرار 2216.
وسعت السعودية طيلة الأزمة اليمنية إلى الاكتفاء بإرسال إشارات هادئة للسلطنة عبر وسائل الإعلام، وإبقاء الاختلاف معها حول التعاطي مع الحوثيين في نطاق محدود ودون أن يؤثر بشكل عميق في العلاقات الثنائية.
وقالت صحف سعودية الخميس إن القوات التابعة للشرعية اليمنية أحبطت الأربعاء عملية تهريب أسلحة في أحد منافذ محافظة شبوة، وأن هذه الأسلحة قادمة من “بلد مجاور”.
ومن الواضح أن عدم ذكر الاسم، هنا، يهدف إلى عدم التصعيد، وترك المجال للتهدئة وتجاوز أسباب الخلاف.
العرب صالح البيضاني