قالت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية إن طهران سعت لعقود إلى حث العالم على منع استخدام الأسلحة الكيميائية، مستشهدة بمقتل الآلاف من جنودها عندما أطلق صدام حسين الغاز السام على القوات الإيرانية خلال الحرب بين إيران والعراق.
وأضافت المجلة: لكن عندما يتعلق الأمر بسوريا، تبذل طهران ما بوسعها لحماية بشار الأسد من المحاولات الغربية لمعاقبته على استخدام الأسلحة الكيمائية الفتاكة ضد شعبه.
??أحدث إشارة على استعداد طهران لحماية حليفها السوري كانت يوم الثلاثاء، عندما حاولت إيران منع خطوة من جانب الولايات المتحدة وروسيا لتقديم بيان شديد للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCM)، الذي أعرب عن «قلقه الشديد» بشأن الاستخدام المحتمل لمادة الكلور كسلاح في سوريا.
??وأشارت المجلة إلى أن سوريا وحلفاءها سعوا منذ فترة طويلة لمنع مجلس الأمن الدولي -الذي يملك سلطة فرض العقوبات وإجازة استخدام العمل العسكري ضد دولة عضو في الأمم المتحدة- من التدخل في شؤونها الداخلية. ويوم الجمعة ومرة أخرى يوم الأربعاء، اعترض وفد طهران في مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي على البيان الأميركي والروسي، الذي حصل على دعم من 39 دولة أعضاء في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
??كان ذلك كافيا لقتل هذا الإجراء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي تتخذ جميع قراراتها بالإجماع، وتعطي دولة واحدة حق الاعتراض الفعال. لكن في خطوة غير مسبوقة، أجبرت الولايات المتحدة المجلس التنفيذي للمنظمة على التصويت علنا على البيان، وبالتالي عزل طهران.
??وتواصل المجلة: إن التصويت الذي أعقب تواصلا دبلوماسيا مكثفا من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الرئيسيين، سحب بشكل فعال البساط من تحت الوفد الإيراني، كاشفا عجز طهران عن حماية سوريا في لاهاي. مع ذلك، أكدت مناورة طهران دور إيران باعتبارها الراعي السياسي والداعم العسكري الأكثر أهمية في سوريا. كما سلطت الضوء على الصراعات التي تواجهها الولايات المتحدة في تسخير تحالف دبلوماسي دولي لمعاقبة الأسد على استمراره في استخدام الأسلحة الكيميائية.
??في بيان لها هذا الأسبوع، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن المجتمع الدولي نجح في تدمير %98 من ترسانة الأسلحة الكيماوية المعلنة في سوريا. وفي حين تبقى أسئلة بشأن ما إذا كانت سوريا قد خبأت بعض الأسلحة الكيماوية في مخابئ سرية، فإن دبلوماسيين ومتخصصين في مراقبة الأسلحة يقولون إنه تم القضاء على الكثير من قدرة الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية.
??تقول المجلة: رغم هذه الجهود، ما زال الأسد يجد طرقا لاستخدام المواد الكيميائية لقتل شعبه، مشيرة إلى أن أحدث سلاح مفضل له هو غاز الكلور. وعلى عكس غاز الخردل والسارين، فإن الكلور لا يخضع لأي محظورات دولية، ورغم أن استخدامه كسلاح كيميائي محظور بموجب اتفاقية الأسلحة الكيماوية لعام 1993 التي تحظر إنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية، إلا أنه لم يتم سرد الكلور في القائمة الاتفاقية من المواد المحظورة.
??وأشارت المجلة إلى أن أحمد أوزومكو المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أعلن في أبريل الماضي عن خطط لتشكيل بعثة تقصي حقائق للتحقيق في تقارير متعددة بأن أسلحة كيميائية قد استخدمت في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون: حماة، وإدلب، وريف دمشق. وتعرض محققو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لهجوم مسلح خلال زيارتهم الوحيدة للمنطقة في شهر مايو الماضي، مما يجعل من المستحيل بالنسبة لهم جمع أدلة حول استخدام الكلور هناك.
??مع ذلك، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن المقابلات التي أجريت خارج سوريا مع عشرات من شهود العيان وعمال الطوارئ والأطباء والممرضات، وفّرت أدلة كثيرة على استخدام الكلور في ساحة المعركة، وفقا لأحد هذه التقارير الصادرة عن الفريق. وخلصت البعثة في تقريرها الثالث الذي صدر في ديسمبر بأنها «على درجة عالية من اليقين بأن الكلور استخدم كسلاح». كما تقول الولايات المتحدة ومسؤولون آخرون إن أدلة جمعت من قبل المفتشين الدوليين حول حقيقة أن الغاز السام أطلق من طائرات الهليكوبتر، التي تستخدم بشكل خاص من قبل حكومة بشار الأسد.