ومن إسطنبول التركية، جاء هذا القرار، ليضفي صبغة رسمية وجماعية على إدانات فردية من سياسات إيران في المنطقة، وليؤكد توحد هذه الدول الإسلامية تجاه مواقف طهران.
وارتكز القرار على ضرورة أن تكون علاقات التعاون بين الدول الإسلامية وإيران “قائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها”، فضلا عن ضرورة نبذ الأجندة الطائفية والمذهبية لما لها من آثار مدمرة وتداعيات خطيرة على أمن الدول الأعضاء واستقرارها.
البيان الختامي الصادر أمس عن القمة الـ١٣ لمنظمة التعاون الإسلامي، بمشاركة ممثلين عن أكثر من خمسين دولة إسلامية، بينهم أكثر من عشرين زعيما؛ حمّل طهران مسؤولية تأجيج الصراعات في دول المنطقة ودول أخرى أعضاء في المنظمة، منها البحرين واليمن وسوريا والصومال، فضلا عن مسؤولية دعم الإرهاب.
إدانات مبررة وتستند إلى وقائع على الأرض، بحسب مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي مهنا الحبيل، الذي قال لبرنامج “ما وراء الخبر” إن إدانة الأغلبية الإسلامية لإيران في محلها، فإيران جنت ثمار تدخلاتها التي فرّقت أبناء الأمة من شيعة وسنة، لأنها مارست العديد من الحروب السياسية والطائفية، حسب تفسيره.
كما أن هذا الموقف من السياسيات الإيرانية، يستند إلى غضب له مبررات وليس معزولا عن الحالة الشعبية والاجتماعية، بحسب الحبيل، الذي رأى أن النموذج الإيراني فشل أخلاقيا وسياسيا.
وهو فشل كانت له تركة ثقيلة على دول المنطقة، فلا يجوز أن تصمت منظمة التعاون الإسلامي حيالها وفقا لقراءة الكاتب ذاته، و”تقريع” إيران جاء بسبب “تدخلها السافر” في سوريا، فهي تتحمل وزر المذابح الدامية وتشريد ملايين السوريين، وتتحمل وزر تدمير المدن في العراق، وتدمير التآلف الطائفي في اليمن.
إلا أن هذه الأسباب لم تكن مقنعة في نظر الجانب الإيراني، فجاء الرد سريعا بانسحاب الرئيس الإيرانيحسن روحاني والوفد المرافق له من الجلسة الأخيرة للقمة الإسلامية احتجاجا على التوصيات الختامية.
وهذا الانسحاب تلته اتهامات لمنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما جاء في تصريحات مساعد الخارجية الإيرانية للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي، الذي رأى أن المنظمة تعاني مما أسماه “ضعفا بنيويا”، مبينا أنها واقعة تحت تأثير عدد من الدول “التي تقوم بتوجيهها نحو أهدافها الخاصة من خلال أدواتها المادية”.
ورأى عراقجي -الذي لم يكتف بهذه الأوصاف والاتهامات- أن المنظمة ستندم على مواقفها التي اتخذتها ضد ايران وحزب الله، مؤكدا أنها لم تتخذ أبدا موقفا محايدا تجاه القضايا الداخلية للعالم الإسلامي والعمل على حلها وتسويتها بصورة حقيقية.
تفسيرات وأسئلة
من جهته، فسّر الباحث المتخصص في القضايا الإقليمية حسن أحمديان الأمر من الزاوية ذاتها، حيث عزا، في تصريحات من طهران لبرنامج “ما وراء الخبر”، موقف دول التعاون الإسلامي إلى ما أسماه “الأموال السعودية التي لعبت دورا واضحا في التأثير على الدول الإسلامية”، حسب رأيه.
ورأى الباحث أن الدول الإسلامية التي تتعرض لمشاكل اقتصادية اتخذت مواقفها خوفا من وقوع عقوبات عليها كما حدث مع لبنان.
وفي الوقت الذي تصرّ فيه طهران على مواقفها، واعتبار ما جاء في بيان منظمة التعاون الإسلامي معاديا لها، وفي ظل اتفاق أغلب الدول الإسلامية على إدانتها، تبقى الأسئلة مطروحة بشأن كيفية ترجمة ما جاء في البيان إلى قرارات ملموسة.