تزامنت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل مع إعلان وسائل الإعلام العبرية قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إلغاء لقائه بالرئيس الامريكي باراك أوباما.
وكان البيت الأبيض أعلن الاثنين أن نتنياهو طلب موعدا من الرئيس الأمريكي. وعندما صدرت الموافقة عليه وتحدد موعد اللقاء كان الجواب الإسرائيلي بأن نتنياهو ألغى الزيارة، في قرار «فاجأ» واشنطن، ومن غير أن يرهق نفسه بالاتصال برئيس أمريكا ليخبره بإلغاء الزيارة، مكتفيا بإعلان ذلك عبر الإذاعة وليس الحكومة(..).
ولم يتطرق بايدن أو نتنياهو لهذه المسألة أثناء التصريح الصحافي، في محاولة واضحة لتفادي الإشارة إلى الإهانة الإسرائيلية للرئيس الأمريكي.
وكان يفترض ان تتزامن زيارة نتنياهو لواشنطن مع المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (إيباك)، أكبر لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، وهي مناسبة شارك فيها نتنياهو مرارا خلال السنوات الماضية.
وحاولت إسرائيل تبرير الإهانة باعتبارها أن «قرار نتنياهو برغبته في ألا يبدو وكأنه يتدخل في الانتخابات التمهيدية الأمريكية». وكأن نتنياهو لم يكن يعرف أن هناك انتخابات رئاسية تقترب في أمريكا عندما حصل على موعد اللقاء مع أوباما، او أنها المرة الأولى التي يزور فيها الولايات المتحدة أثناء هكذا انتخابات.
أما الحقيقة فهي أن نتنياهو قرر أن يودّع أوباما بإهانة تاريخية لم تحصل لأي رئيس أمريكي من قبل في العلاقات بين البلدين.
ومن المؤسف أن بايدن نفسه لم يستطع أن يدافع أو أن ينطق بكلمة واحدة، بل ساهم في إبداء أكبر نفاق ممكن لنتنياهو في محاولة للحصول على دعم مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وذهب إلى تصريحات لا تبدو مبررة عندما قال «إن الولايات المتحدة ستحافظ على التفوق الإسرائيلي العسكري كمّا ونوعا في المنطقة».
وبدلا من أي إشارة إلى وجود احتلال إسرائيلي في القدس الشرقية أو باقي المدن والطرق الفلسطينية المحتلة، أعلن أن أمريكا تندد بأي مقاومة فلسطينية ضد قوات الاحتلال، دون ان يتذكر وجود شهداء فلسطينيين.
والمعروف أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشهد منذ بداية تشرين الأول/اكتوبر موجة من المواجهات وأعمال العنف والعمليات التي أسفرت عن استشهاد 188 فلسطينيا بينهم عربي من منطقة 48، ومقتل 28 إسرائيليا وأمريكيين اثنين واريتري وسوداني.
وبالطبع كان نائب الرئيس الأمريكي حريصا على تأكيد أنه لا توجد أي مبادرة سلام أمريكية جديدة، وهو ما يحب أن يسمعه نتتنياهو دائما.
وكان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، أن يدلي بتصريحات أشد قوة ضد بايدن الذي يدافع عمن يصفهم بضحايا إسرائيليين، لكنه يتجاهل الشهداء والضحايا الفلسطينيين وهم أصحاب الأرض المحتلة أصلا.
ومن جهته أكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت امس ايضا على ان بلاده لن تعترف «تلقائيا» بالدولة الفلسطينية في حال فشل مبادرتها من اجل إعادة اطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين واسرائيل.
ولعل الأسباب التي جعلت أوباما يحظى بكل هذه الإهانات العلنية من مجرم الحرب الاسرائيلي ان الرجل ظن يوميا انه يستطيع ان يضغط لبدء عمليات السلام حقا عبر وقف السياسة الاسرائيلية القائمة على سرقة الأراضي الفلسطينية.
ومن الممكن ان يتذكر كثيرون التصريحات التي ادلت بها وزارة الخارجية الأمريكية العام الماضي عندما اعلنت انزعاجها الشديد من شتائم صادمة اصدرها المستشار الاعلامي لنتنياهو ضد أوباما وشملت اتهامات بـ«معاداة السامية»، كما وصف وزير الخارجية جون كيري بان «عقله يشبه طفلا في الثانية عشرة من عمره»(..).
الواقع ان العالم العربي احتاج متأخرا ان يتعلم الدرس جيدا من اعدائه الاسرائيليين. إذ ان أوباما سرعان ما فهم الاهانات من نتنياهو، وحاول بأقصى جهد ممكن تحقيق مطالبه. أما العرب فقد ظلوا لأعوام طويلة يتوهمون أن أوباما رئيس دولة عظمى حقا، قبل أن تتضح الحقيقة المرة تجاه شخص أقرب إلى سيرك منه إلى زعيم.
القدس العربي