تواجه المرأة السورية اللاجئة في لبنان متاعب يومية، وتتحمل مسؤولية إعاشة الأولاد، بعد ذهاب الرجال للقتال داخل سوريا.
وتقول إيما غاتون في صحيفة “إندبندنت” إن خيرية فارس كانت تجلس أمام خيمة مؤقتة في سهل البقاع، وأكدت أنها مسؤولة عن المخيم، وتقول: “نحن النساء نعرف ما يجري”، حيث تتحمل مسؤولية عشرات العائلات التي تعتمد عليها في توفير الأساسيات اليومية، وتضيف: “نعرف ما ينقص بيوتنا”.
وتتابع الكاتبة بأن هناك آلاف الخيم غير الرسمية، التي تنتشر داخل لبنان، وكل واحدة لديها “شاويش” مثل خيرية. وعلى خلاف المخيم المؤقت في البقاع، فإن وظيفة الشاويش هي للرجال. وتقول خيرية: “نعم عادة ما يتولى الرجال هذا الأمر، لكن لا أحد منهم لديه هاتف نقال”.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه “عربي21″، إلى أن الحرب الأهلية، التي بدأت عام 2011، أجبرت حتى الآن أكثر من 3.7 مليون نسمة على الفرار من بيوتهم. ويشكلون اليوم نسبة ثلث السكان في لبنان، حيث يزيد عددهم على 400 ألف نسمة في سهل البقاع. وفي مناطق أخرى لا يمكن إحصاؤهم، حيث يعيشون بعيدا عن الأنظار.
وتبين الصحيفة أن النساء هن من يتحمل المسؤولية في وقت يغيب فيه الرجال ويسافرون للقتال، فيما قتل بعضهم أو لم يستطيعوا الحصول على عمل في أي مكان. ومن هنا دفعت الحاجة النساء إلى المقدمة وأصبحن قائدات للمجتمع.
ويلفت التقرير إلى أن خيرية فارس تبلغ من العمر 33 عاما، ولا تخطط لأن تتخلى عن القيادة عندما يولد ابنها الثامن، الذي تحمله في بطنها، وتجد أن من واجبها أن تتعامل مع المنظمات غير الحكومية لتلبية احتياجات مخيمها، والتأكد من عدم تجاهل المخيم الذي تقوده عندما تقوم هذه المنظمات بتوزيع المواد الغذائية على سكانه. وتقول إنها لم تتخيل أن تعمل في هذا الدور عندما هربت من مدينة حلب عام 2012، ولكنه الدور الذي تحملت مسؤوليته بسهولة.
ولاحظت الصحيفة أن ثلاثة أشخاص جاءوا إلى خيمتها خلال عشر دقائق يطلبون المساعدة.
وتنقل الكاتبة عن فارس قولها إن “النساء يعرفن حاجة النساء، ويقوم الرجال بترك الخيام في الصباح، ولا يواجهون ما نواجه. وليست لديهم القدرة على تحمل ما نواجهه يوميا”. وتوضح غاتون أن خيرية لا وقت لديها للتفكير بمن يعتقد أنه لكونها امرأة فهي ليست موهلة لدور “الشاويش”، وتجد أن هذا ليس من شأنه.
وتقول الصحيفة إن النساء السوريات بتوليهن إدارة الشؤون اليومية، فإنهن يغيرن الدينامية الاجتماعية، خاصة أن معظمهن جئن من مناطق ريفية ومحافظة.
وينقل التقرير عن مفوض لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة ديلي بوسشير، قوله: “في كل نزاع يحدث اختلال في أدوار الرجال والنساء”. ويضيف أن “التشرد يؤدي إلى وجود فرص لخلق مجتمع مساو بين الجنسين”، ولكن لا أحد يختار الدور الذي يجب أن تؤديه المرأة، فكل يوم يعد كفاحا للحصول على أقل الأمور، ولا توجد شبكات حماية للنساء، فلو استطعن العودة إلى حياة الاستقرار والأمان التي كن يعشنها فلن يترددن.
وتنوه غاتون إلى أن هناك عبئا مزدوجا يقع على عاتق النساء، فبذهابهن للعمل يتحولن إلى معيلات للعائلة ومسؤولانت عنها. وتقول هناء (35 عاما): “لقد أجبرنا على هذا للبقاء على قيد الحياة”. وتعيل هناء أربعة أولاد في مخيم خيرية فارس ذاته. وقد توفي زوجها في الطريق إلى لبنان من مدينة حمص، حيث وقع العبء عليها لإعالة أولادها الأربعة وأحدهم ضرير.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، أن حال هناء كبقية النساء في المخيم، فقد حصلت على عون من منظمة “أنقذوا الأطفال”، وتلقت دروسا لتعلم مهارات تساعدها للحصول على المال. ونتيجة لذلك، فقد أصبحت مستقلة وترفض العون، وفتحت بقالة خاصة بها داخل المخيم.
وتجد الكاتبة أنه من الصعب معرفة المستقبل الذي ينتظر المرأة بعد أربع سنوات من الحرب الأهلية، وبعد صعود تنظيم الدولة. وفي الحقيقة، فإن اللاجئات السوريات في الأردن وتركيا ولبنان يعانين من مشكلات عديدة، فقد أصبحت الأماكن العامة خطيرة، ودون حماية من الرجل فقد أصبحن عرضة للاستغلال الاقتصادي والجنسي.
وتذكر الصحيفة أن قصة هند تلخص الوضع، فقد كانت تعمل وتعيش في دمشق، حيث لم يكن أحد يلتفت إلى وضعها، أما في المخيم فقد تلقت تهديدات، خاصة أنها غير متزوجة. وتقول هند وعمرها 33 عاما إنها “تشعر مع ذلك بالفخر بنفسها للقوة التي تملكها”، فقد تطوعت لمساعدة بقية النساء، خاصة الفتيات للتعامل مع المشاكل اللاتي يواجهنها.
وتختم “إندبندنت” تقريرها بالإشارة إلى أن نسبة 70% من الموظفين في المدرسة المحلية هي من النساء. وتشعر هند بالخوف على الجيل القادم من الفتيات اللواتي يتركن المدرسة ويبحثن عن الزواج، كونه وسيلة لتأمين الحماية لهن. وتقول إن “الوضع سيئ لكن النتيجة جيدة، فلم يعد الرجال هم من يتخذون القرارات في حياتنا”.
عربي21 –