يقول الكاتب علي مهدي إن مواجهة فيروس كورونا يجب أن تكون بمثابة الحرب لإنهاء كل الحروب، فبقاء البشرية هو ما يهم، ويجب أن يجبر ذلك قادة العالم على التخلي عن الحروب التجارية والعسكرية التي طغت في القرن الـ21.
ويضيف الكاتب -وهو استشاري جراحة العظام لدى خدمة الصحة الوطنية (إن إتش إس) في بريطانيا- أنه لأمر مدهش أن الفيروس قد أحدث تداعيات يمكن أن تغير العالم إلى الأبد.
ويشير مهدي في مقال نشرته صحيفة إندبندنت البريطانية إلى أن هذا الوباء يقتل الآلاف ويثير رعبا وهستيريا على المستوى العالمي، ويؤدي إلى إغلاق الدول وتدمير الاقتصاد العالمي وإغلاق الحدود وتعطيل سلاسل التوريد وخلق اضطرابات في السوق في ضربة واحدة.
وربما لم تحقق الحروب العسكرية والتجارية عمليات إغلاق على هذا النطاق الذي فعله هذا الوباء.
ويتساءل الكاتب: هل حان الوقت أخيرا لقبول حقيقة أننا نواجه معا كبشر تهديدا للحياة التي نعرفها؟ مضيفا أنه وبغض النظر عمن نحن وعما نقوم به وكم نربح وأين نحن فإن هذه الأزمة جعلتنا جميعا نخاف على المستقبل.
وفي إجابة عن سؤال عما إذا كانت هذه هي المرة الأخيرة التي ينتشر فيها هذا النوع من الأوبئة، يقول الكاتب إن الأمر على الأغلب ليس كذلك، مضيفا أن الناس يعرفون قدرة هذا الفيروس على التسبب في الخراب، ومتسائلا عما لدى البشر من قدرة على مواجهته على المستويات الطبية والاجتماعية والمالية.
ويقول إن حالة الطوارئ المتعلقة بالمناخ لم ترسخ في أذهان البشر مثل هذه الأزمة، وإن ثمة أرضية مشتركة لدى البشر في الوقت الراهن فيما يتصل بالبقاء على قيد الحياة في وجه هذا الوباء، ومواجهة المعاناة الاجتماعية والاقتصادية التي اجتاحت العالم.
ويضيف أن العالم قد وصل إلى نقطة حرجة يجب أن توفر للبشرية الوقت للتفكير في المستقبل، والحاجة لإعادة تحديد الأولويات الفردية والعالمية.
ويقول الكاتب إن القرن الـ21 شهد تقدما تكنولوجيا مكن البشرية من التواصل، ووفر لها رفاهية الاستهلاك، والسفر على نطاق واسع في فترة زمنية قصيرة لم يسبق لها مثيل.
غير أن هذا الوباء يجب أن يجبر قادة العالم على التخلي عن الحروب التجارية والعسكرية التي ابتليت بها البشرية في هذا القرن.
ويحذر الكاتب من أن يؤدي هذا الوباء وتداعياته إلى نقص موارد الرعاية الصحية، والمزيد من المعاناة والخسارة، وانهيار الاقتصاد على نطاق لم يسبق له مثيل.
ويقول إنه قد حان الوقت الذي تحتاج فيه المؤسسات إلى ضمان التوازن بين القيمة الاجتماعية والرفاهية والاستدامة ورضا الموظفين.
ويقول إنه لا بد من تسخير الابتكار الشعبي الذي يدفع بطرق جديدة للبقاء بصحة جيدة وللوقاية من الوباء، وإنه لمن الضروري التوصل إلى إجماع دولي مشابه لتوافق اتفاقية بريتون وودز في عام 1944، وهو الإجماع الذي أسس النموذج المالي بعد الحرب العالمية الثانية.
ويؤكد الكاتب على أن هناك حاجة للعودة إلى تعاون دولي أكبر ضد النزعات القومية والقبلية، وإنه يجب على قادة العالم إظهار قيادة مسؤولة تخدم مصالح الجميع والبيئة والمستقبل.