ثلاثة عقود من القتل بحق السوريين تلخّص مسيرة الأسد الأب خلال فترة حكمه، بدأت بحركةٍ أسماها التصحيحية في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970، تلخصت بالأبدية والسرمدية لدى مواليه، فماذا بقي من حافظ إلا ذكرى موته؟
انقلب حافظ الأسد مع عدد من الضباط البعثيين على الرئيس نور الدين الأتاسي والأمين القطري المساعد لحزب البعث صلاح جديد، وسجنهما مع العديد من قيادات الحزب ليثبّت بعدها حكمه رئيساً للبلاد عام 1971.
ولد حافظ في السادس من تشرين الأول/أكتوبر عام 1930 في مدينة القرداحة غرب سوريا لأسرة فقيرة، وانضم لحزب البعث عام 1946، من ثم للكلية الحربية في محافظة حمص عام 1952، وتخرج بعد ثلاثة سنوات برتبة ملازم طيار.
وبعد سقوط حكم أديب الشيشكلي اختير الأسد للذهاب لمصر للتدرب على قيادة الطائرات النفاثة من ثم إلى الاتحاد السوفيتي للتدرب على الطيران الليلي.
رُفّعت رتبة حافظ من مقدم طيار إلى لواء طيار دفعة واحدة بشكل مريب لا يعلم سببه، وذلك بعد ثورة الثامن من آذار، التي استولى فيها حزب البعث على الحكم في سوريا، وتولى بعدها وزارة الدفاع بعد الانقلاب على القيادة القومية لحزب البعث، التي ضمت مؤسس الحزب ميشيل عفلق.
ذلك بسبب خلافات نشبت مع صلاح جديد بسبب انتقاده حافظ في سحب الجيش من القنيطرة وإعلان سقوطها، وعدم دعم الجيش الأردني ومعارضة الأسد لجديد، في شن حرب ضد اسرائيل انقلب حافظ وسجن جديد ليتسلم رئاسة الجمهورية.
ارتكب الأسد العديد من المجازر بحق الشعب السوري، منها “مجزرة جسر الشغور” في 9 آذار/مارس 1980، بعد احتجاجات مناهضة للأسد ليرسل الأسد فرقة من قوات الصاعقة بواسطة مروحيات من حلب قصفت المدينة ودمرت معالمها، ما أدى لمقتل عشرات المدنيين واعتقال المئات من ثم تصفية أكثر من مئة منهم، بعد يوم واحد بأمر من العماد مصطفى طلاس.
مجزرة سجن تدمر العسكري:
في حزيران 1980 قتل الأسد ما يزيد عن 1000 من السجناء، انتقاماً منهم، بعد يوم من محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها الأسد، وحمل الإخوان المسلمين مسؤولية ذلك، ليأمر شقيقه رفعت قائد سرايا الدفاع آنذاك باقتحام السجن وإعدام السجناء ميدانياً، من ثم نقل الجثث بشاحنات ودفنها بوادي شرق تدمر، كما شهد السجن 7 مجازر راح ضحيتها المئات بين الأعوام 1980 و 1983.
لعل أبرز مجازر الأسد كانت بحماة في شباط/فبراير عام 1982، حاصر الجيش المدينة ثم قصفها بالمدفعية الثقيلة قبل اجتياحها وارتكب مجازر إبادة جماعية، طالت النساء والأطفال والكبار والصغار قتل على إثرها أكثر من 40 ألف مدني بحسب “اللجنة السورية لحقوق الإنسان” بينما اعتقل ونفي الآلاف من أبناء المدينة، وذلك بحجة محاربة الإخوان المسلمين، بينما كان حافظ الأسد ينتقم من المدنيين ويرتكب الجرائم بحقهم.
ولم يكن الحال بعد موت حافظ الأسد في 10 حزيران 2000 بأفضل من قبله، فبعد توريث الحكم لبشار- رغم أن حافظ كان يجهز باسل لذلك المنصب إلا أن موته حال دون ذلك- كان الولد سر أبيه والمجرم بشار سائراً على نهج حافظ، فلم تتغير سطوة النظام الأمنية والتضييق على المدنيين، بالإضافة لمجازر عديدة ارتكبها الأسد منذ أن نطق الشعب وطالب بالإصلاح والحرية والديمقراطية في ثورة آذار/مارس 2011.
واليوم ينادي موالو النظام “الأسد أو نحرق البلد”، كما نادى من قبلهم موالون سابقون لوالده
إلى الأبد يا حافظ الأسد، لكن حافظاً رحل، فهل ستحترق سوريا بعد رحيل بشار؟
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
ابراهيم الخطيب