أفادت مصادر إعلامية تابعة للمعارضة السورية وعلى رأسها المرصد السوري لحقوق الإنسان بوصول حوالي 400 عنصرا من القوات الروسية, أو ما يعرف بالشرطة العسكرية الروسية إلى ريف درعا, إلّا أن مكان تمركز العناصر “بشكل واضح” لم تحدده هذه المصادر التي اكتفت بالقول, أن القوات الروسية ستحط رحالها في ريف درعا الشمالي كخطوة مؤقتة, وربما دائمة ليلعبوا دور قوات الفصل بين قوات النظام وقوات المعارضة في المحافظة التي تقع في أقصى جنوب البلاد بعد أن باتت في ظل اتفاق روسي – أمريكي – أردني لوقف إطلاق النار, شمل أيضاً كلاً من محافظتي السويداء والقنيطرة.
من السماء إلى الأرض:
يبدو أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وجد اليوم أكثر من أي وقت مضى فرصة سانحة بتوسيع نفوذ روسيا في سورية ليتمدد إلى أرض الجنوب, بعد أن احتلت طائراته سماء درعا لأشهر متواصلة, ليزج اليوم بقوات روسية مسلحة على الأرض موظفاً كل التفاهمات والاتفاقات التي يجريها مع أطراف دولية مختلفة في سبيل حل الأزمة السورية لصالحه, مستغلاً تردد الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتخذ إدارتها حتى اليوم قراراً واضحاً من شأنه إيقاف الحرب الدائرة في البلاد منذ مايقارب ست سنوات حتى اليوم.
انتشار أحادي بعد أيام قليلة:
بعد مرور تسعة أيام على بدء تنفيذ الهدنة التي اتفقت عليها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في العاصمة الأردنية عمان والتي استهدفت إيقاف جميع أشكال العمليات القتالية في الجنوب السوري, وصل محو 400 جندي روسي إلى شمال محافظة درعا, حيث أكدت مصادر متقاطعة أن القوات الروسية أصبحت تقف بشكل فعلي شمال المحافظة, وتطل مباشرة على الأراضي المحررة, والحجة هي التمهيد لتوزيع هذه القوات الروسية على خطوط الفصل التي تم التوافق عليها في العاصمة الأردنية عمان والتي تحدد مسارات التماس بين قوات النظام السوري والمليشيات الطائفية المتحالفة معه, وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لما يعرف “بالجبهة الجنوبية”, لتتوكل هذه القوات بمهمة الإشراف على مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار على الأرض.
تفرد روسيا يغريها بتعميم الهدن:
غياب أي دور فاعل لقوات أجنبية أخرى عن لعب دور الوسيط في مراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب السوري, وعلى رأسهم قوات أممية أو حتى أمريكية وأردنية, يغري روسيا بتعميم هكذا نوع من الهدن تنتهي بنشرها لقوات عسكرية على الأرض تابعة لها, خصوصاً بعد أن أعلنت الأردن الدولة الراعية لهذا الاتفاق عن نيتها عدم إرسال إي جندي أردني إلى كل من المحافظات الجنوبية الثلاث المشمولة بالاتفاق بهدف تثبيت الهدنة ومراقبة وقف إطلاق النار.
وقد بدأت وسائل الإعلام الروسية فعلاً بالترويج لنية موسكو عقد اتفاقات مماثلة مع واشنطن في سوريا, حيث نقلت وسائل روسية عن مصادر من داخل الكريملين نية موسكو إقناع واشنطن بتعميم تطبيق الاتفاق على مناطق أخرى من سورية كالغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي منتصف آب المقبل, فيما أكد نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي يبيغوف” إمكانية عقد لقاء روسي – أمريكي جديد حول إقامة منطقة هدنة ثانية في سورية, وأجرى وزير الخارجية الروسية “سيرغي لافروف” اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأردني “أيمن الصفدي” بحثا خلاله الإجراءات المتخذة من قبل بلديهما وبعض الدول الأخرى لضمان وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية.
ومازاد الطمع الروسي أكثر هو تأكيد حكومة المملكة الأردنية الهاشمية عدم نيتها إرسال قوات عسكرية أردنية إلى جنوب سورية كجزء من آليات مراقبة وقف الأعمال القتالية, وقال مصدر أردني رسمي إن موقف بلاده من الأزمة السورية واضح منذ البداية ولن يتغير, وأكد على الحل السياسي في سورية.
إفساح المجال لروسيا من قبل الدول الراعية للاتفاقات, وغياب آلية واضحة تحدد هويات القوات العسكرية التي ستتوكل بمهمة مراقبة وقف إطلاق النار, وابتعاد واشنطن عن الخوض في غمار المناطق التي استفردت بها روسيا بشكل تام في غرب سورية, زاد من أطماع قادة الكريملين, الذين وجدوا ضالتهم في نشر قوات روسية حليفة للأسد قد تكون في وقت ما داخل الأراضي التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية, وبذلك تكون موسكو قد وضعت حجر الأساس لتطبيق رؤيتها للحل في سوريا.
المركز الصحفي السيوري – حازم الحلبي.