وفي الوقت الذي تتواصل فيه المساعي الدولية لإنجاح مباحثات السلام السورية بجنيف على وقع الهدنة الهشة، اختار نتنياهو زيارة الجولان المحتل والاطلاع عن كثب على سير تدريبات قوات الاحتياط بجيش الاحتلال على طول المناطق الحدودية الشمالية.
وقلل مدير مركز موشي دايان للدراسات الإستراتيجية آيال زيسير من أهمية اعتراف نتنياهو بتنفيذ عشرات الهجمات في سوريا، مضيفا أن تلك التصريحات لا تعتبر غير مسبوقة، خاصة أنه سبقتها تصريحات مشابهة لرئيس الوزراء وأيضا لوزير الدفاع موشي يعالون في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
غير أن زيسير -وهو باحث في الشأن السوري- ينبه إلى توقيت تصريحات نتنياهو، إذ يتزامن مع الهدنة والمساعي الدولية لتسوية الأزمة السورية، مستبعدا في حديثه للجزيرة نت أن تكون تصريحات نتنياهو موجهة إلى نظام الرئيس بشار الأسد، والذي لا يوجد أصلا على أجندة إسرائيل التي تبعث برسائلها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعن مغزى الرسائل المراد إيصالها، قال زيسير إن “إسرائيل حسمت أمرها ولن تتنازل عن الجولان، وعلى العالم العربي قبول هذا الواقع بمصالحة مستقبلية”، كما أن رسالة إسرائيل إلى بوتين هي أنه في هذه المرحلة التي يتم فيها التخطيط وإعادة ترسيم الحدود وتقسيم سوريا فإن على موسكو أن تأخذ بعين الاعتبار المصالح الإستراتيجية الأمنية لإسرائيل، ومنها البقاء في الجولان.
ويتفق المحلل العسكري للإذاعة الإسرائيلية آيال عليمه مع طرح زيسير، ويزيد عليه أن هناك جهات مختلفة تحاول فرض سيطرتها على سوريا، مضيفا أن تصريحات نتنياهو ليست مجرد رسالة إلى بوتين والأسد فحسب، بل إنها تصعيد دبلوماسي تجاه الأطراف الدولية والتفاهمات الجارية لرسم خارطة جديدة لسوريا، إذ تؤكد تل أبيب للعالم أنها مصرة على البقاء في الجولان ولن تتنازل عنه.
واستبعد عليمه في حديثه للجزيرة نت أن يكون حديث نتنياهو بمثابة تهديدات لحزب الله اللبناني، خاصة أن لغة التهديد والوعيد بين إسرائيل والأمين العام للحزب حسن نصر الله متواصلة منذ الحرب الأهلية في سوريا، لكنها تأخذ مسارا مغايرا لكون التقديرات العسكرية ترجح أن الأسد وحزب الله ليس بمقدورهما خوض حرب ضد إسرائيل.
وخلص المحلل العسكري إلى القول إن تل أبيب لن تسمح بالإطاحة بالتوازن العسكري والإستراتيجي على الحدود الشمالية، وهي تحرص على الحفاظ على الخطوط الحمراء حيال مصالحها الأمنية ولن تسمح لأي كان بتجاوزها، فهي لم تكن شريكة في الحرب بسوريا وليست جزءا من أي حل سلمي.
رسائل ودلالات
في المقابل، يرى الباحث بالمؤسسة العربية لحقوق الإنسان (المرصد) سلمان فخر الدين في تصريحات نتنياهو “صلفا للمحتل، وهي قبل كل شيء وفي ظل الأزمات الداخلية لتل أبيب تعتبر رسالة موجهة إلى المجتمع الإسرائيلي المنحدر نحو الفاشية والانفلات الأخلاقي لكسب تأييد شعبي والتفاف جماهيري”.
ولا يستبعد فخر الدين في حديثه للجزيرة نت أن يكون نتنياهو قد استشعر بأن الدول العظمى تخطط على المدى البعيد لتقسيم سوريا، وهي بذلك -يضيف الباحث- تبعث برسالة إلى حليفه الإستراتيجي بوتين بشأن تمسكها بالجولان المحتل وإبقائه تحت السيطرة الإسرائيلية وانتزاع موقف دولي داعم لذلك.
وعن معاني ودلالات موقف إسرائيل حيال نظام الأسد ودول الجوار، يشدد فخر الدين على أنه لا توجد سياسة إقليمية عربية، بل هناك جغرافيا عربية بالنسبة لتل أبيب التي لا تأبه بوجود الأسد المستعد للتقسيم ولتقاسم التراب السوري، فهو لا يملك مصيره وسيادته مرهونة لدى روسيا وإيران.