مع نهاية عام 2014، وبعد نحو 4 سنوات على انطلاق الثورة السورية، نجد أن الواقع الإعلامي السوري اليوم، تحول إلى بيئة خطرة غير صالحة للعمل الصحفي المهني، والمستقل عن أي تبعية عسكرية أو سياسية موجهة، بل يمكننا القول، أن ناقوس الخطر قد دق منذ مدة طويلة، نتيجة تراكم الجرائم والانتهاكات بحق الإعلاميين، وفراغ الساحة الإعلامية، وتفوق قوة السلاح على قوة القلم والكلمة، وهذا بالتالي أدى إلى عدم الالتزام بمبادئ وأخلاقيات مهنة الصحافة، وتراجع المصداقية والدقة والحيادية في نقل الأحداث، وتشويه الحقائق وطمسها، وصعوبة رصد الحدث، وتراجع العمل الصحفي المستقل ليطغى عليه مشهد الإعلام المقاتل العسكري.
ولقد انضم قسم كبير من الإعلاميين الذيين قرروا البقاء في مناطقهم إلى فصائل مسلحة، هي في معضمها تشهد حالة من الإنقسام والأقتتال الداخلي فيما بينها، ومع سطوة السلاح؛ تقل فصل فرصة الحصول على المعلومة الدقيقة، وبالتالي استخدام وسائل الإعلام كأحد وسائل الحرب المشروعة في البروباغندا الإعلامية، وتوجيه المعلومة والكلمة حسب ماتقضي مصلحة كل طرف.
وأضافت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لكل ماسبق “زاد من الصعوبات والعوائق التي تواجه مهام العمل الإعلامي، بالتزامن مع تدني وتراجع المصداقية التي وصلت إلى حالة مرضية خطيرة، تجلت في الفوضى والمعلومات المتضاربة والمضللة، فعسكرة وتسييس الإعلام، وحالة النزيف المستمر لمعظم الكفاءات الإعلامية الفاعلة على الأرض كان أحد أسباب هذا التدهور الكبير الذي وصل إليه الواقع الإعلامي.
تقول هدى العلي الباحثة الإعلامية في الشبكة السورية لحقوق لإنسان” إن عدم وجود حماية وجهود حثيثة وجادة لحماية حرية العمل الإعلامي، وإيجاد البيئة المناسبة للعمل الآمن وسط الأوضاع الأمنية الخطيرة والجرائم والإنتهاكات المستمرة التي ترتكب بحق الإعلاميين، وعدم وجود مؤسسات إعلامية إحترافية ذات تمويل مستقل، يشكل أبرز التحديات والمعوقات التي يواجهها العمل الإعلامي في سوريا اليوم، التي أدت إلى منعه من الإرتقاء إلى مستوى مواكبة التطورات السريعة والمعقدة للأحداث على كافة الصعد، كما أدت إلى تدني أدائه المهني ليقوم بدوره الوضيفي في رصد الأحداث ونشرها”
وأمام تلك المعطيات المقلقة التي من شأنها أن تقوّض الأسس الصحيحة التي يفترض أن تكوّن القاعدة المتينة لانطلاق العمل الغعلامي المهني المستقل والحظر الناتج عن طمس الحقيقة ومجريات الأحداث، وتكميم الأفواه، وحجب الصورة والكلمة، أكدت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان على ضرورة العمل الجاد والسريع لإنقاذ مايمكن إنقاذه من العمل الإعلامي في سوريا، كما جددت إدنتها لجميع الإنتهاكات بحق حرية الإعلام ونقل الحقيقة من أي طرف كان، وتؤكد على ضرورة احترام حرية العمل الإعلامي والعمل على ضمانة سلامة العاملين فيه وإعطائهم رعاية خاصة، مع محاسبة المتورطين في الإنتهاكات بحق الصحفيين والناشطين الإعلاميين.
هذا وقد كانت الشبكة قد وثقت مقتل 5 إعلاميين و13 أخرين مابين خطف واعتقال، وإصابة 5 كحصيلة لشهر كانون الأول \ ديسمبر، ليرتفع عدد القتلى الإجمالي إلى 384 إعلامياً،وذلك حتى نهاية شهر كانون لثاني\ ديسمبر لعام 2014