كتبت سارة ليونز وميشيل كيلفاند في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية
سارة ليونز طبيبة نفسية في جامعة ستانفورد ويدرس بحثها الصراع مابين الثقافات ودوافع الإرهاب، وتقول دراستها إنه عندما كشفت هجمات باريس أن المعتدين كانوا من جنسيات أوروبية، زاد القلق حول إمكانية تطرف المهاجرين المسلمين في الغرب.
سياسات الغرب لمنع الأرهاب يمكن أن تكون السبب وراء الإرهاب
رأى بعض السياسين أن أفضل طريقة لتجنب الإرهاب في الوطن هو إغلاق الباب على المهاجرين.
وتعمق الجدال حول قضية اللاجئين بعد أن وجد جواز سفر سوري في مشهد الهجمات في باريس. نتيجة لذلك رحلت بولندا اللاجئين ووعد أكثر من نصف حكام الولايات الأمريكين برفض سكان الشرق الأوسط الباحثين عن بداية جديدة، كما طالب رئيس البرلمان الأمريكي بول رايان بوقف البرنامج الفيدرالي للسوريين.
ردود الأفعال الخائفة من العنف الإرهابي ليست شيئًا جديدًا، فعادة يتبع أي فعل تطرفي مظاهرات مناهضة للإسلام أو جرائم بدافع الكراهية.
وقد نتج عن تقارير حول استدراج تنظيم الدولة للمسلمين المقيمين في الغرب، تشديد على أمن الحدود؛ وقال رونالد ترمب المرشح للرئاسة الأميركية لو كان الأمر له لأغلق المساجد في أمريكا.
ردود الأفعال غير المتسامحة كالتي ذكرناها تجاه المسلمين من شأنها أن تشعرهم أنهم لاينتمون لأوروبا والولايات المتحدة.
بحثنا الأكاديمي “علم السلوكيات والسياسة”، الذي أنجزناه بالتعاون مع المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم، يظهر أن السياسات الغربية لمنع الأرهاب ممكن أن تكون السبب وراء الإرهاب.
معظم المسلمون لا يميلون للتطرف
خلال إجراء البحث سألنا الكثير من المسلمين في ألمانيا والولايات المتحدة أن يخبرونا عن تجاربهم كأقليات دينية وثقافية ومشاعرهم تجاه العنصرية والإقصاء بسبب ديانتهم، وسألناهم أيضًا كيف يوازنون هوياتهم المسلمة مع هوياتهم الأمريكية والألمانية. أردنا أن نعرف من خلال هذه الأسئة ما إذا كان هناك علاقة بين هذه التجارب التي يتعرضون لها ومشاعرهم إزاء المجموعات المتطرفة.
وبشكل عام أظهرت نتائج البحث لا يميل معظم المسلمين إلى التطرف، ومع ذلك شعر بعض المشاركين بالتهميش وأنهم لاينتمون لا لثقافتهم الأم ولا لثقافة البلد الآخر.
توصيف هذه المجموعة أنها لا تشعر بأن لها وطنًا، وقال بعض هؤلاء إنهم يشعرون بعدم الأهمية وأنه ليس لحياتهم معنىً، فكلما زاد التهديد بعدم أهمية الأشخاص كلما عبروا عن دعمهم للتطرف.
المتطرفون يستغلون نقط الضعف هذه ويستهدوف المسلمين الذي لا يجدون معنىً وأهمية لأنفسهم، أو في حال تهدد إحساسهم بأنفسهم من قبل السياسات الإقصائية والتهميشية للغرب والخطاب المعادي للمهاجرين، إذ تعطي المجموعات المتطرفة هؤلاء الشباب إحساس باليقين والهدف والنظام.
ولذلك إذا ما أردنا تخفيف خطر التطرف في أوطاننا فعلينا أن نحسن من اندماج المهاجرين المسلمين وليس عزلهم، وعلينا أن نرحب باللاجئين السوريين لا أن نرفضهم. وهذا يعني إعادة تعريف ماذا يعني ألماني أو أمريكي بحيث لا يكون تمثيلًا عن الغالبية الثقافية فقط، وهذا يعني أيضًا إظهار الاهتمام والتقدير للتقاليد الدينية والثقافية الأخرى بدل الخوف منها.
وبحسب البحث فإن معظم المسلمين في أمريكا وألمانيا يريدون لهويتهم أن تكون خليطًا من الثقافتين ولكن عندما تضغط كل الثقافة عليهم ليختاروا واحدة لن يحدث ذلك.
فالاندماج يعني تشجيع المهاجرين على أن ينادو أنفسهم بأمريكي وألماني وفرنسي وبنفس الوقت يفتخروا بإرثهم الديني والثقافي. فمثلا عندما تضغظ السياسات على المهاجرين ليعتنقوا ثقافة البلد كما فعلت فرنسا بمنع النقاب في المؤسسات العامة, هذا الإجراء بالغالب سيؤدي إلى نتائج عسكية لأن هذه السياسات لاتحترم إرث المسلمين الثقافي. فيمكن للمجتمعات أن تخفف من الانجرار للتطرف إذا ماعملت على مساعدة من لايشعر أن له وطن ليكون لهم وطن.
نشرت المادة في الواشنطن بوست بتاريخ 24 تشرين الثاني، وترجمتها عنب بلدي.