إدمان الشاشة، بأحجامها المختلفة، سواء كانت حواسيب أم هواتف ذكية، أصبحت بنظر متخصصين في الثقافة الاجتماعية في الدنمارك “ظاهرة مرضية”. ويرى هؤلاء أن “الاعتماد على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي بات مرضاً شعبياً لا بد من مراجعته”.
وذهبت دراسة متخصصة في جامعة كوبنهاغن إلى اعتبار “وسائل التواصل، مثل فيسبوك، تضع الطلاب في مربع صداقات مع مجموعات فرعية وشرائح لا تعبر بالضرورة عن أهمية فهم الحياة الاجتماعية والتدرب عليها”. ففي سؤال الجيل الشاب عن “كيفية تحديد الواقع الاجتماعي وقياس العلاقات الاجتماعية واتساعها مع مجموعة من الناس، كان الجواب: عبر الهواتف الذكية”.
وبحسب الباحثين، فإن الهواتف الذكية تكشف أيضاً “من تكون من خلال معرفة مع من تتواصل، فالدنمارك واحدة من أكثر البلدان التي يقتني فيها الناس هواتف ذكية والأكثر نقلا للمعلومات عبرها. وفي الواقع، الكثيرون جدا في مجتمعنا يحملون في جيوبهم ما يمكن أن نعتبره أدوات قياس للعلاقات الاجتماعية والإجهاد (السترس) الذي يعانيه الطلبة”. وما يكشف عنه الباحثون، من خلال إشراك الطلبة بتزويدهم بهواتف ذكية ووضعهم في مجموعات دراسية، أن “بعض الحالات في الحقيقة باتت تتوجه للتواصل أكثر مع أشخاص من مجموعات أخرى غير مجموعاتها التي وضعت فيها”. وما يعنيه هؤلاء الباحثون أن الناس أكثر ميلا لنسج علاقات عبر الشاشات من تلك التي تجري حولهم. وينطبق ذلك على التواصل من خلال برامج فيسبوك والرسائل النصية والاتصالات عبر برامج مختلفة. وبالرغم من ذلك، يقول هؤلاء الباحثون إن “واحدة من المشاكل التي يعانيها الطلاب هي العزلة والوحدة وقلة العلاقات الاجتماعية الواقعية”.
ومن ناحية ثانية، يؤكد هؤلاء أن “العلاقة وثيقة بين مستوى الإجهاد والتوتر واستخدام الهواتف الذكية في النظام التعليمي”. فالسعي الدائم لأن يكون الطالب “محدثا في التواصل عبر الشاشة” يرفع من مستوى القلق والتوتر والشعور بأنه يجب أن يكون كالآخرين يؤدي إلى “تزايد التواصل عبر الشبكة وانخفاض التواصل الواقعي”. وبالنسبة لباحثين في مجال الحداثة التقنية، فإن “التقنيات الحديثة تكشف عن خارطة فهم طبيعة العلاقات والتواصل الاجتماعي الواقعي واحترام خصوصية الحياة لدى الأفراد”.
ومن جهة ثانية، تظهر دراسة حديثة، نشرت نتائجها يوم الأربعاء 7 يونيو/ حزيران، شارك فيها 2689 طالبا/ة ثانويين أن “أكثرية باتت تعاني مع استخدام الهواتف الذكية من مشاكل في التركيز وارتفاع في مستويات الإجهاد والتوتر”. ووفقا لأحد المشاركين في الدراسة، المحاضر سورن هيبسغورد، فإنه “يمكن ملاحظة أن المزيد والمزيد من الطلبة باتوا أشد تعلقا بالهواتف الذكية، والأخيرة تعني لهم الكثير مثلما تعني أيضا الكثير في خلق التوتر لديهم”. وذهب ثلث التلاميذ المستطلعين في الدراسة إلى أنهم يستخدمون هواتفهم وحواسيبهم المحمولة لمراجعة أشياء في المدارس لا تتعلق أبدا بالمواد التي يكونون بصدد تلقيها في الصفوف.
الدراسة بين هؤلاء التلاميذ في مستوى الثانوية تكشف عن أنه أثناء التدريس تدخل نسبة كبيرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وسناب شات وإنستاغرام. بل إن بين المجيبين عن الأسئلة من يعترفون بأنه “كل ربع ساعة يقومون بمراجعة حساباتهم، وأكثر من نصف المستطلعين يقولون إنهم يجيبون عن ما كتب في المواقع مع الاعتراف بأن ذلك يجعلهم أقل تركيزا على دروسهم”. وبالنسبة لهيبسغورد، فإن “الطلبة الثانويين عموما يعانون من التركيز، بيد أن هؤلاء الذين يستخدمون هواتفهم الذكية يعانون بشكل جدي وخطير من هذه المشكلة”.
ووفقاً لما تقوله أرقام “مركز الإحصاء الوطني” في الدنمارك، كجهة رسمية متخصصة بالأرقام، فإن 95 بالمئة من الدنماركيين يستخدمون هواتف ذكية للدخول إلى الشبكة العنكبوتية، و74 بالمئة منهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وبالنسبة للشباب بين 16 و24 سنة، فإن 97 بالمئة منهم يراجعون حساب فيسبوك أكثر من مرة في اليوم، ومتوسط استخدام الشبكة على الإنترنت هو ساعتان ونصف يوميا لكل دنماركي. ويشترك 25 بالمئة من الدنماركيين في سناب شات و24 بالمئة في انستغرام و10 بالمئة نشطون في تويتر. وهناك 24 بالمئة ممن هم نشطون على أكثر من 4 مواقع تواصل دفعة واحدة.
صدى الشام