إستهلّ المرشحان للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن (يمين متطرف) وايمانويل ماكرون (وسط) مساء الأربعاء مناظرتهما التلفزيونية بهجمات متبادلة شديدة وذلك قبل أربعة أيام من الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الأحد.
وقالت لوبن إنّ “ماكرون هو مرشح العولمة المتوحشة والهشاشة والوحشية الاجتماعية وحرب الجميع ضد الجميع والتخريب الاقتصادي الذي يطاول خصوصاً مجموعاتنا الكبرى وتجزئة فرنسا من جانب المصالح الاقتصادية الكبرى”.
ورد ماكرون أنّ “استراتيجيتكِ هي ترداد اكاذيب”. وأضاف في هذا النقاش الذي تابعه ملايين المشاهدين “إنّكِ وريثة نظام يزدهر على غضب الفرنسيين منذ عقود”.
وقالت لوبن “في أيّ حال فإنّ امرأةً ستقود فرنسا، أنا أو السيدة (انغيلا) ميركل”، وذلك بعد أن اتهمت ماكرون بأنه لا يفعل شيئاً بدون مباركة من المستشارة الألمانية.
وأضافت “لقد ذهبتَ لرؤية ميركل، لقد ذهبت تطلب مباركتها لأنك لست عازماً على فعل شيء بدون موافقتها”، منددةً بـ”خضوع″ مرشح حركة “إلى الأمام!” للاتحاد الأوروبي.
لكن ماكرون ردّ قائلاً “بالطبع أريد لفرنسا (علاقات) ندّية مع ألمانيا”، طالباً من منافسته التوقف عن إطلاق “هذه العبارات السخيفة”.
وأردف “لحسن الحظ، لقد كان لبلادنا قادة ذوو رؤية. فالجنرال ديغول والمستشار أديناور علما كيف يعملان معاً، وقد بنيا أوروبا الحالية”.
وقال ماكرون “فرنسا ليست بلدا منغلقاً. أنا مرشح فرنسا القوية داخل (قارة) أوروبية توفّر الحماية”.
وتناولت هذه المناظرة التي استمرت ساعتين ونيفاً في حضور صحافيين اثنين طرحا الاسئلة، اربعة عناوين كبرى: الاقتصاد والارهاب والتربية واوروبا.
وبعد عشرة أيام من حملة شرسة بين المرشحين، لا يزال ماكرون الذي تصدر الدورة الاولى متقدماً بحسب استطلاعات الرأي، لكن يبدو ان الفارق يتقلص مع لوبن التي تتبنى اسلوبا هجوميا.
– “إقتراحات وهمية”
ويتبنى المرشحان برنامجا متناقضان. فماكرون ليبرالي وموال لاوروبا، فيما لوبن مناهضة للهجرة واوروبا.
واتهم ماكرون لوبن بـ”جلب الحرب الاهلية الى البلاد”.
وقال “انتِ تجلبين الحرب الاهلية الى البلاد (…) مكافحة الارهابيين لا تعني في أي حال من الاحوال الوقوع في فخ الحرب الاهلية”، مضيفا “هذا هو الفخ الذي ينصبه لنا الارهابيون”. واعتبر ماكرون انّ الارهابيين يأملون في فوز لوبن التي اتهمت في المقابل خصمها بـ”التساهل مع الاصولية الاسلامية”.
وقالت لماكرون “الأمن والإرهاب مشكلة رئيسية غائبة تماما عن مشروعك”، مضيفة “ليس لديك مشروع، وفضلا عن ذلك تُبدي تساهلاً مع الاصولية الاسلامية”.
وخاض ماكرون في تفاصيل مشروعه لمكافحة الارهاب الذي يمرّ عبر جهد استخباري وتعزيز للتعاون الاوروبي.
وقال للوبن “ما تقترحينه هو مثل العادة (شيء) وهمي”. واوضح “تقومين بمكافحة الارهاب على منابر التلفزيون، لكن في كل مرة تكون هناك اصلاحات مقترحة في البرلمان الأوروبي لا تصوتين لصالحها”.
واظهر استطلاع شمل عينة من المشاهدين عقب المناظرة، ان 63 بالمئة يعتبرون ان ماكرون بدا الأكثر اقناعاً في مقابل 34 بالمئة للوبن.
– “لا تمويل سحرياً”
ويسعى المرشحان إلى استمالة المترددين والراغبين بالامتناع عن التصويت، للفوز بانتخابات الأحد.
وتابع ماكرون “معها (لوبن) سنخرج من منطقة اليورو وأوروبا”، في حين أظهرت الاستطلاعات أن غالبية الفرنسيين ترفض التخلي عن العملة الأوروبية الموحدة.
وهاجم وزير الاقتصاد السابق منافسته متهما اياها بإطلاق الوعود من دون القدرة على تمويلها، وقال “ليس هناك من تمويل سحري. لم تشرحي كيف تخفّضين البطالة، أنتِ لا تقترحين شيئاً”.
ورددت لوبن ان منافسها “يقوده فرنسوا هولاند”، مذكّرةً بأنه كان مشاركا في الحكومة الاشتراكية للرئيس المنتهية ولايته والذي لا يتمتع بشعبية.
وادى خروج اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون واليميني فرنسوا فيون من الدورة الاولى الى تنامي شعور بالخيبة لدى شريحة واسعة من الناخبين الذين يرفضون الاختيار، بالنسبة اليهم، بين “الطاعون والكوليرا”.
وقالت وزيرة التربية الاشتراكية نجاة فالو بلقاسم الاربعاء محذرة “نحن في مرحلة خطر مطلق. علينا الا نلعب بالديموقراطية على طريقة الروليت الروسية”. وتشير معلومات الى ان شريحة لا يستهان بها من اليساريين قد تفضل الامتناع، او التصويت بورقة بيضاء.
وحذر حزب الجمهوريين اليميني نوابه من ان الذين “يتقربون من الجبهة الوطنية” استعدادا للانتخابات الرئاسية، او “يتقربون من ماكرون” قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في 11 و18 حزيران/ يونيو، سيفصلون من الحزب.
ولا تتوقف لوبن عن السعي الى التقرب من انصار ميلانشون. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 20% منهم سيقترعون لصالحها، على ان يقترع نصفهم لصالح ماكرون. اما بالنسبة الى انصار فيون فإنّ ربعهم الى ثلثهم سيقترع للوبن واقل من نصفهم لماكرون
القدس العربي