بات مشروعاً القول إن إبادة حلب، أو تحديداً الأحياء الخارجة عن سلطة النظام فيها، في الجهة الشرقية من المدينة خصوصاً، تحصل برعاية المجتمع الدولي وموافقته الضمنية. فلليوم السادس على التوالي، استمرت المجزرة التي ترتكبها مقاتلات النظام السوري وروسيا بوتيرة تصاعدية، ليظهر أن الهدف منها هو حرفياً إبادة مئات الآلاف من السوريين قتلاً بأكثر الصواريخ فتكاً، وجوعاً بعدما ندرت المواد الغذائية تحت وطأة الحصار، وعطشاً إثر تدمير محطة تزويد المياه الوحيدة في المدينة وهي محطة باب النيرب. ويبدو أن مشروع الاجتياح البري للأحياء الشرقية والشمالية يسير بخطى ثابتة من دون أي رادع فعلي عربي أو دولي، رغم أن قوات الفصائل المعارضة تمكنت من استعادة مخيم حندرات شمالي حلب، بعدما اجتاحته قوات النظام ومليشياته ومرتزقته بساعات. ولو نجح احتلال حندرات، لأصبحت قوات المعارضة بعيدة عن طريق الكاستلو وعن احتمال فك الحصار عن الأحياء المحاصرة. ولا يبدو ردّ الفصائل المعارضة، بتحقيق تقدم على حساب قوات النظام السوري في ريف حماة الشمالي، كافياً لإحداث توازن مستحيل للقوى العسكرية، بين فصائل مسلحة غير مدعومة من أي طرف جدياً بشكل فعال، من جهة، وثلاث دول على الأقل من جهة ثانية (النظام السوري وروسيا وإيران) وعشرات الآلاف من المليشيات والمرتزقة. يبقى انتظار تحقق ما تحدث عنه قائد جماعة الفرقة الشمالية لوكالة “رويترز” العقيد فارس البيوش عن أنه يتوقع حصول المعارضة على أنواع جديدة من قاذفات الصواريخ روسية الصنع والمدفعية “ولكن لا يوجد ما يدل على موافقة الدول الأجنبية على طلب قديم للمعارضة بالحصول على صواريخ مضادة للطائرات، وأي زيادة ستكون طفيفة”. ومنذ 19 سبتمبر/أيلول الحالي، حتى عصر يوم أمس، قتل 323 مدنياً، وجرح 1334 آخرون، بحسب أرقام قالت وكالة “الأناضول” إنها حصلت عليها من طواقم الدفاع المدني العاملة في مناطق سيطرة المعارضة، وأخرى في المستشفيات الميدانية، والتي كان يوم الجمعة تاريخاً دموياً بالنسبة إليها، إذ تركزت الغارات الروسية والسورية عليها تحديداً، مثلما كان يوم أمس الأحد أسود بالنسبة للمباني السكنية التي استهدفتها الغارات بشكل خاص. وكأن المطلوب هو دخول إلى الأحياء المحاصرة وهي خالية إلا من جثث سكان حلب نتيجة إصرارهم على مواجهة العدوان الروسي والسوري النظامي. وتوضح خريطة القصف استهداف الطيران الروسي المناطق التالية: أحياء بستان القصر، والمشهد والكلاسة والفردوس، والأنصار، والقاطرجي، وباب النيرب، والصالحين، والمعادي، وطريق الباب، والصاخور، والمرجة، وكرم حومد، والشيخ خضر، والسكري، والشعار، والميسر، ومساكن هنانو، وبلدة كفر حمرا، وقرية بشقاطين. وندّد الائتلاف الوطني السوري بالمجازر التي يرتكبها النظام السوري وحليفه الروسي في مدينة حلب، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد لها. وقال نائب رئيس الائتلاف موفق نيربية في مؤتمر صحافي في إسطنبول إن “النظام السوري وحلفاءه الروس يرتكبون فظائع في سورية”. بدوره، وصف منسق الهيئة العليا للتفاوض، رياض حجاب، ما يحصل في حلب بأنه “إبادة جماعية”.
العربي الجديد