جهاد محسن – الغد الاردنية
فتحت زيارة وزير الخارجية ناصر جودة لإيران، الباب أمام العديد من التحليلات والتأويلات، خصوصاً أن الزيارة جاءت على نحو مفاجئ وغير متوقع. هذه الزيارة استدعت طرح العديد من التساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الأردنية في الإقليم.
هل هناك تحول في العلاقة مع طهران؟ وهل ستفتح لمزيد من التعاون الاقتصادي والسياسي وربما التنسيق الأمني والعسكري معها؟ وهل ستؤثر هذه الزيارة على علاقة الأردن مع دول الخليج العربي، وعلى رأسها العربية السعودية؟ وهل ستتبع هذه الخطوة خطوات تجاه سورية، ومحور المقاومة بشكل عام؟ خصوصا أن الأجواء تشير إلى أن ثمة فتورا في العلاقات الأردنية الخليجية، بعد الوعود التي قطعتها دول الخليج لدعم الأردن اقتصادياً؛ هذا من جهة. ومن جهة ثانية، يوجد تحول في علاقات دول الإقليم وعلى رأسها مصر مع الولايات المتحدة الأميركية، فثمة صفقات ضخمة لشراء السلاح الروسي، ومناورات بحرية في عرض البحر الأبيض المتوسط، وسيل من الاستثمارات المالية الروسية وعد بها الرئيس الروسي بوتين في الزيارة الأخيرة للقاهرة.
زيارة وزير الخارجية ناصر جودة تأتي في سياق التغيير في شكل العلاقات الدولية والإقليمية في المنطقة، لكن ما هي المصالح الأردنية التي يمكن تحقيقها مع إيران؟
ربما من الصعب التكهن بطبيعة المصالح التي يريدها الأردن من إيران، في حين إيران تعي تماماً ما تريد، فهي تسعى إلى تضييق دائرة العزلة الدولية التي وضعت فيها بعد إطلاق برنامجها النووي، وحلحلة العلاقات المتوترة مع الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج وذلك لتدخلها بشكل واضح، في كل من سورية ولبنان والعراق واليمن. فالأردن يمتلك العديد من المقومات لتعزيز دوره في السياسة الخارجية في المنطقة، وعلى رأسها موقعه “الجيوسياسي”، وكذلك العلاقات المتينة مع الغرب والولايات المتحدة، إلى جانب العلاقة المرنة مع كل الأطراف العربية بما فيها دول الخليج.
الالتفات للمصالح الأردنية خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصاً مع دول المنطقة وعلى رأسها مصر والعربية السعودية، ودول الإقليم وعلى رأسها إيران، في سياق اقتصادي وأمني، فالتهديد الذي تواجهه المنطقة من الجماعات التكفيرية، لا يتعلق بالأردن وحده، بل هو تهديد عالمي، يضرب السلم والاستقرار الأهلي. لذلك لا بد من طرح هذه القضية وبقوة على دول الإقليم ومناقشتها، للحد من انتشار ظاهرة التطرف.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أعتقد وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردن، أننا بحاجة لإعادة قراءة المشهد الإقليمي بما يخدم مصالحنا السياسية والاقتصادية والأمنية. وضمن هذا السياق يمكن لنا أن نفسر هذه الزيارة لوزير الخارجية جودة لإيران، فمن حق الأردن تبديل خياراته الإقليمية.