ثلاث معارك كبرى تشتعل على الأراضي العربية ولا كلمة حاسمة للعرب فيها، في حلب والموصل والرقة، وفي المعارك الثلاث تشارك الدول الكبرى، فأمريكا تشارك فيها كلها، وروسيا تشارك في بعضها، وبالأخص في حلب، وكذلك إيران تشارك في بعضها إن لم تكن مشاركة فيها كلها، ودول القتال الغربية في التحالف الدولي مثل بريطانيا وفرنسا وكندا تشارك في بعضها أيضا، وحتى إقليم كردستان العراق يشارك بقواته العسكرية “البيشمركة”، فضلا عن مقاتلين لحزب العمال الكردستاني الذي مكنته إيران من الاستيلاء على أراض عراقية، وحزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة صالح مسلم يقاتل في حرب الرقة باسم: “قوات سوريا الديمقراطية”، بينما لم ترسل دولة عربية واحدة جنودها للمشاركة في هذه المعارك وهي على أرضها، حتى الحكومة العراقية لا تشارك في هذه المعارك إلا بإمرة وخطة أمريكية أولاً، ولتحقيق أهداف المشروع الإيراني ثانياً، وذلك للسيطرة الجغرافية والعسكرية على أرض عربية سنية حتى تؤمن لها طريقا بريا متواصلا بين طهران وبيروت، فلماذا لا يظهر أي دور للدول العربية في هذه المعارك التي يمكن وصفها بأنها معارك دولية، ولماذا لا يسمع لها موقف تبين فيه وجهة نظرها، وحرصها على المواطنين العرب الذين يقطنون هذه المناطق، فهذه المعارك تتم على الأراضي العربية وضحاياها هم من الشعب العربي أولاً وأخيراً.
أما الموقف التركي فهو المحاولة والإصرار على المشاركة فيها بما يدفع أضرار الفتن والحروب الطائفية عن السكان العرب السنة أولاً، ودفاعا عن الأمن القومي التركي ثانياً، سواء من أحقاد الحشد الشعبي الشيعي الحاقد، أو من الأحزاب الكردية التي تسعى لتطهير المدن العربية من سكانها العرب، وجعلها ذات هوية كردية، ولا يهم هذه الأحزاب الكردية أن تكون هذه المدن والقرى العربية تحت الهيمنة الأمنية الإيرانية ولو مرحلياً من وجهة نظرها، لأن هدفها إقامة كيان كردي خاص يقتطع أراضي عربية وتركية وحتى إيرانية في مرحلته الثانية، وهذا الكيان تسعى أمريكا وأوروبا وإسرائيل لإقامته كحاجز جغرافي بين تركيا والدول العربية أولاً، وليكون عامل عدم استقرار في المنطقة، مثل الكيان الإسرائيلي الصهيوني، الذي يعمل للسيطرة على المنطقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
هذه المعارك الثلاث على الأقل واضحة الأهداف، وهي تهديد للأمن القومي العربي والتركي معاً، ولا بد أن يكون الصوت العربي فيها أعلى الأصوات، وأن يستخدم العرب كافة الإمكانيات العربية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لحماية المواطنين العرب من القتل، ولحماية الأراضي العربية من الاقتطاع والغصب، ولا بد من التعبير عن الرفض العربي شعوبا ودولاً ضد إقامة كيان كردي على الأراضي العربية.
أما محاربة داعش فهذه مسألة أخرى، فيمكن تحرير هذه المدن من داعش ولكن بشرط إعادة هذه المدن لشعبها وأهلها وسكانها العرب السنة، سواء في حلب أو في الموصل أو في الرقة، فهذا ينبغي أن يكون شرطا عربيا على كل من يشارك في هذه المعارك، وإلا فإن كل الدول العربية عرضة للسلب والغصب بهذه الحجج الباطلة! فأمريكا تعبث بالأمن القومي العربي والتركي معاً، بل والأمن القومي الإيراني أيضاً، فإيران في حالة استنزاف هائل، وجعلت أمريكا الأحزاب الكردية أدوات قتل وتدمير في المنطقة بحجة إكسابهم كيانا مستقلاً، وزعماء الأكراد الطامعون في السلطة يسوقون الأكراد كجنود مرتزقة وهم يوهمونهم بالحرية والاستقلال، فهل أخذ العراقيون الحرية والاستقلال بعد مشاركتهم في المشاريع الأمريكية في العراق والمنطقة منذ عام 2003؟ ام انهم دخلوا في سنوات حرب متواصلة وفقر اقتصادي و ضياع لا تعرف نهايته.
الشرق القطرية – محمد زاهر جلول