تساءلت صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية عن حظوظ الدول الفقيرة في مواجهة فيروس كورونا الذي تحول لوباء عالمي.
وقالت: “أمر رهيب أن ترى كارثة في طور التقدم ولا تستطيع منع حدوثها، والمنظور الذي يواجهنا هو الجرأة على النظر أبعد من جدران وحواجز بريطانيا المحاصرة بالغازي فيروس كورونا. ويواجه عشرات الملايين من الفقراء وفي الدول الأقل نموا الكارثة التي تلوح بالأفق والتي لن يوقفها شيء وستكون قاتلة”.
وأضافت: “لم تقع الكارثة بعد، ولكن فأساً سيقع على عدد من الرؤوس التي لا يستطيع أصحابها الدفاع عن أنفسهم. وهناك مذبحة مريعة جدا قريبة ولا أحد يستطيع حتى تخيلها”.
وفي الوقت الذي تكافح فيه الدول الغنية في الجانب الغربي من الكرة الأرضية، بدأت أجراس الخطر لكوفيد- 19 ترن في جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا ولا أحد يريد سماعها. وتضيف الصحيفة أن أي شخص جرّب مدن الصفيح المزدحمة في مومباي ودكار وبور أو برينس يعرف صعوبة تطبيق مفاهيم التباعد الاجتماعي والعزل الذاتي لسكان هذه المدن.
ومن شاهد الظروف في مخيمات اللاجئين في سوريا والصومال يعرف أن المنشآت الطبية غير متوفرة حتى في الظروف الجيدة. وقالت منظمة الصحة العالمية إن نصف سكان العالم تقريبا لا يستطيعون الحصول على العناية الصحية الأساسية، حتى قبل أن يضرب الوباء ضربته. كما حذرت الجمعية الداعية للمساواة “بلان انترناشونال أستراليا” بطريقة متشائمة، من أن الكثير من هذه المجتمعات، خاصة الأطفال يعانون من ظروف خطيرة مثل سوء التغذية والملاريا والسل.
كما أن الناس الذين يعيشون في محاور الحرب يتعرضون بشكل أكبر لمخاطر الفيروس. و”لو كنت مواطنا في إدلب فهناك فرصة جيدة لو اتبعت النصيحة وبقيت في بيتك وابتعدت عن المرض، وقد تتعرض للقصف من الطيران الروسي أو طيران النظام السوري”.
ولهذا السبب طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بوقفة عالمية لمواجهة “عدونا المشترك” ولا يوجد ما يشير إلى أن أحدا سيستمع لمناشدته.
وحذرت الأمم المتحدة من أن السكان الذين تعاني بلادهم من عقوبات مثل فنزويلا وإيران وزيمبابوي وكوبا سيواجهون مخاطر الإصابة بالفيروس وعلى قاعدة ضخمة.
وهذا هو الحال في إيران. ودعا هلال إلفر من الأمم المتحدة لرفع العقوبات حالا لمنع نقص المواد الغذائية في حالة انتشر الفيروس.
وتعلق الصحيفة أن إدارة دونالد ترامب لو استمعت لمناشداتها فإنها لم تفعل شيئا، وتستدرك الصحيفة أن الأمن الغذائي يعتبر مشكلة مثيرة للقلق في دول الساحل والصحراء الإفريقية. وتقول منظمة الغذاء العالمي إن انتشار الفيروس في هذه المناطق يعني قطع خطوط إمداد الطعام إلى بوركينا فاسو ومالي والنيجر التي يعاني سكانها من نقص المواد الغذائية في الصيف بسبب الجفاف ونشاطات الجهاديين. فمن أفغانستان التي دمرتها الحرب، إلى جمهورية أفريقيا الوسطى التي يقول المجلس النرويجي للاجئين إن في كل منهما جهاز تنفس لكل خمسة ملايين نسمة، يفاقم الوضع عدم وجود المصادر الطبية الكافية للرد على انتشار كوفيد- 19.
وأي محاولة لمواجهة الوباء ستجد معوقات بسبب الخلافات السياسية والمشاكل الأمنية. وتقول الصحيفة إن قطاع غزة هو أحسن مثال، ويعيش فيه مليونا نسمة، وسكانه مزدحمون في مساحة لا تتجاوز عن 365 كيلومترا.
وبحسب منظمة الأزمات الدولية، فقد تم تحديد حالات من فيروس كورونا، وها هو القطاع يحضر للأسوأ. وحذرت مجموعة البحث هذه في بروكسل من “أي حالة انتشار واسعة للفيروس ستقوم بغمر النظام الصحي في غزة والذي يعاني من آثار الحروب المدمرة وسنوات من الحصار الإسرائيلي”.
ولا يمكننا تجاهل أثر الفيروس على الدول الصاعدة. فالطبقات المتوسطة وأصحاب الأجور المتدنية يعانون من تراجع الصادرات وهبوط أسعار النفط وإغلاق قطاع السياحة بسبب الفيروس.
وتقدمت 80 دولة تقريبا بطلبات قروض عاجلة من صندوق النقد الدولي. وتقدر بعض الإحصائيات أن هذه الدول مجموعة تحتاج إلى تريليوني دولار للخروج من الأزمة.
وتقول الصحيفة إن قدرة الدول المعرضة التي ستعاني من الصدمات الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة على الاستمرار تظل محدودة مقارنة مع الدول الثرية التي تستطيع الاعتماد على القروض غير المحدودة. وكلما طال أمد الضرر الذي تسبب به الفيروس، سيؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وعنف كما شهدت جنوب أفريقيا.
ولا تزال حالات كوفيد- 19 في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا محدودة، إلا أن هناك إمكانية لانتشار العدوى الذي أحرجت أقوى اقتصاديين في العالم وهما الصين والولايات المتحدة.
وتختم الصحيفة بالقول إن موقف المراقبة والتذرع بعد القدرة على المساعدة ليس صحيحا، فعلى الجميع مساعدة وكالات الأمم المتحدة وزيادة ميزانيات المساعدة الأجنبية والتبرع للجمعيات الخيرية الدولية وتقديم الخبرات وتقديم النجدة للاجئين وتوفير المعدات الطبية قدر الإمكان.
فكوفيد- 19 هو كابوس عالمي وأزمة دولية حقيقية. ويجب تقديم الدعم لكل ضحاياه بدون استثناء وأينما كانوا. وفي حالة فشل العالم بمواجهة الفيروس، فإن حصيلة القتلى ستكون ضخمة، وسيصبح الفيروس وباء يتم إنتاجه بين اللاجئين وبموجة ثانية وثالثة.
نقلا عن القدس العربي