لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحية قالت فيها إن تقرير المنظمة الدولية للحد من الأسلحة الكيماوية وكشفت فيه عن دور للقيادة السورية في استخدامها ضد المدنيين يقدم الدليل على تورطها وضرورة تقديمها للعدالة.
وجاء فيها أن رغبة تسيطر منذ وقت على الحكومات الأوروبية والسياسيين وهي أن الحرب الأهلية السورية قد انتهت. وقد يكون هذا الفهم مقنعا من الناحية السياسية لو عاد ملايين اللاجئين العالقين في تركيا والأردن إلى بيوتهم بدلا من تذكير أوروبا وبشكل دائم بمخاطر الهجرة. فنهاية الحرب تعني إزاحة سبب من أسباب الفوضى وعدم الإستقرار في المشرق وشرق البحر المتوسط. ونهايتها تعني أنه لم يعد لروسيا أو إيران أي مبرر للعب المقامرة الجيوسياسية بحياة المدنيين. ونهايتها تعني أن رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي لم يعد لديه سبب للشكوى.
وفي مرحلة ما، وقبل 18 شهرا عندما بدأ الديكتاتور بشار الأسد وكأنه ينتصر في الحرب الأهلية وهربت المعارضة التي تخلت عنها الدول الخليجية والأوروبية إلى الشمال، دار حديث في إيطاليا عن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. وبدلا من انتصار حاسم توصل فلاديمير بوتين لاتفاق مع أردوغان لإقامة محور منزوع السلاح في محافظة إدلب، شمال- غرب البلاد. وأصبحت المنطقة مركزا للمشردين والنازحين. وعندما عادت الأعمال القتالية تحولت إدلب لمركز للمقاومة ووحشية النظام. وتم التوصل لاتفاق جديد لوقف النار. ولا تزال إدلب بعيدة عن قبضة النظام، ولم ينتصر ديكتاتور دمشق.
وهذا أمر مهم من ناحية تشكيل المفاهيم، لأن الأسبوع الماضي قدم تذكيرا للعالم وضرورة عدم قبوله انتصار الأسد الذي يتطلع إليه. ولأول مرة منذ بداية الحرب في عام 2011 وجهت منظمة الحد من الأسلحة الكيماوية والتي تشرف على تطبيق معاهدة الأسلحة الكيماوية عام 1997 اتهامات مباشرة “لمستويات عليا” في الجيش السوري، بمن فيها الأسد نفسه بإصدار أوامر للقيام بهجمات كيماوية غير شرعية.
وذكرنا الأسبوع الماضي بأمر ثان وقوي ولماذا يجب الا يقبل العالم انتصار الأسد الذي يتطلع عليه. وهي الهجمات التي نفذها الجيش ضد قرية اللطامنة في شمال سوريا في آذار/ مارس 2017. فقد قصف الطيران السوري في مرتين القرية بغاز السارين مما أدى إلى إصابة الكثيرين. وفي مناسبة أخرى رمت مروحيات عسكرية عبوات مليئة بغاز الكلور على ظهر مستشفى.
وطالما أكدت منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية استخدام السلاح الكيماوي في سوريا لكنها لم تشر أبدا بإصبع الإتهام إلى الجاني. إلا أن تقريرالأسبوع الماضي قام على روايات شهود عيان وصور التقطتها الأقمار الصناعية والسجلات الطبية. وأكمل التحقيق رغم رفض النظام التعاون ومنعه المحققين من زيارة القرية المنكوبة. كما وعملت روسيا على عرقلة عمل المنظمة الدولية من خلال تواطؤها مع النظام في الأمم المتحدة واستخدام الفيتو لخدمة أغراضها ا لسياسية.
وبعد أيام من هجوم اللطامنة ضرب النظام بلدة خان شيخون بالسلاح الكيماوي مخلفا وراءه 89 ضحية. وأدت الجريمة بالولايات المتحدة إلى ضرب قاعدة عسكرية تابعة للنظام بصواريخ كروز. وتعلق الصحيفة إن المنظمة الدولية قدمت صورة مفصلة تركز الإتهام ضد الأسد.
ورغم وجود تحقيقات أخرى لم تكتمل إلا أن هذا التحقيق يدعو إلى عمل من الأمم المتحدة والدول الـ193 الموقعة على معاهدة الحد من السلاح الكيماوي لجلب المتهم ومحاسبته وتحقيق العدالة بسبب الجرائم التي ارتكبها. وبناء على تجارب الماضي فحدوث هذا سريعا بعيدا. ورحبت الولايات المتحدة كما هي العادة بالتقرير واتخذته فرصة لانتقاد روسيا وإيران. أما الإتحاد الأوروبي فقال إنه قد يفرض عقوبات. ورفض النظام التقرير وقال إنه “مفبرك ومزور”.
وقد يكون من الجيد قيام المجتمع الدولي الذي تخلى عن مسؤوليته لوقت طويل، حشد كل إرادته ومحاكمة النظام غيابيا، ومن أجل اللطامنة والجرائم التي ارتكبها النظام يجب عدم السماح بانتصار الأسد.
نقلا عن القدس العربي