كان من المضحك ان ترد واشنطن على اتهامات المعارضة السورية لها بأنها تقدم تنازلات لروسيا، جون كيربي قال ان واشنطن لا تقدم تنازلات لموسكو وإنما “تعمل معها” لوقف الحرب وإحلال السلام في سوريا!
“تعمل معها”؟
كان الأصح ان يقول إنها “تعمل بإمرتها”، في رده المضحك على رياض حجاب، الذي اتّهم الأميركيين بأنهم يتنازلون لمصلحة الروس في الكثير من المسائل، وفي الواقع لم يكن أحد في حاجة الى تصريح حجاب لكي يعرف مثلاً ان جون كيري أصبح في نظر الديبلوماسية الدولية كأنه مجرد معاون لسيرغي لافروف !
قبل فضيحة ابتلاع واشنطن جريمة استعمال السلاح الكيميائي في الغوطتين في ٢١ آب ٢٠١٣، كان من الواضح ان أوباما يعمل على خطى فلاديمير بوتين في سوريا، سواء في صمته المتكرر على استعمال الفيتو الروسي ثلاث مرات في مجلس الأمن، أو في تعاميه عن الجسر الجوي لتسليح الأسد، وسواء عندما لم يتردد في القول له في ايلول الماضي: “معكم ٢٠ دقيقة للخروج من الفضاء السوري فالأمر لي بعد الآن“!
من الذي أحبط مؤتمر جنيف الأول على خلفية إسقاط البند الذي يدعو الى عملية انتقال سياسي كمدخل الى حل الأزمة السورية، أولم يكن كيري الذي ينفذ سياسة أوباما لإغراق بوتين في الوحول الدموية السورية، وهو ما أشار إليه لماماً أكثر من مرة، ومن الذي سيحبط المفاوضات المقبلة التي سبق لها ان تأجلت في جنيف، أوليس كيري الذي وافق لافروف على نظرية التآمر التي ينفذها دو ميستورا ضد المعارضة السورية؟
نعم المؤامرة التي وضع لافروف خطوطها لنسف محتوى القرار الدولي ٢٢٥٤، عبر الحديث عن تقديم الانتخابات الرئاسية والنيابية السورية التي يقترحها الأسد، على تغيير الحكومة في عملية انتقال سياسي وإقرار دستور جديد، وكل ذلك في ظل ذلك الكلام المخادع على ان الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبله، في حين ان نصف هذا الشعب في اللجوء، وان من يقرر مستقبله تقاطع المصالح الدولية المتنازعة على أشلاء الشعب السوري؟
النهار