وقف علي، يتابع حركات رفاقه وهو يشرب سيجارته بهدوء، كان لايسمع أصوات المدافع والرصاص من حوله، وكأنه مفصول تماما عما يجري، نظر للذخيرة التي بدأت تنفد، وإلى علبة سجائره الأخيرة، في الأمس دفن خمسة ممن معه، لم يتبق منهم إلا ثمانية، وبعض الأسلحة التي لا تدافع عنهم مع ذلك الحصار الذي هم تحت وطأته منذ أكثر من شهرين.
لم تفد أية نداءات ولا أي طلب للمؤازرة ولم يأت الدعم الذي وعدوا به، كان يتذكر كلام الضابط الكبير الذي أشار بأصبع إبهامه في حركة للدعم والإعجاب بشرف دفاعهم عن وطنهم، لقد نفذوا كل وصية لضابطهم ودافعوا عن شرفهم
وقتلوا الكثير من الإرهابيين، من الأطفال والنساء وهدموا الكثير من المناطق
والجوامع الخاصة بالإرهابيين.
لقد تذكر الآن أيضا، ذلك الطفل الذي قنصه قبل سنتين، كان يجري بسرعة،
بملابس رثة وهو يحمل كيس الخبز، كان ينظر له من خلف سلاحه الذي يلمع وهو يبتسم ابتسامته الساخرة، ورغم أن الطفل تصرف بذكاء وكان يجري بطريقة متعرجة لم تسعفه خطواته الصغيرة من سرعة رصاصة اخترقت صدره واستقرت في قلبه الصغير!
كان علي يبتسم بنصره آنذاك لم يعرف أن عيني الطفل الذي قتله ببرود سوف تعود في هذه اللحظة لتطارده، شرب سيجارته من جديد بسخرية، كم كان يتمنى لو أنه قتل كل الإرهابيين آنذاك كي لايتعرض لمصير كهذا.
أطلق بيأس نداء استغاثة، عله يسعف شرفه الكبير، وينقذ روحه هو ومن معه،
اقترب منه رفيقه يقول(وبعدين يا علي لازم نلاقي طريقة، وينن وين الدعم، معقولي الإرهابيين قربوا كثير ولهلق ما في دعم من القيادة، ما ضل عنا شي
صفينا بلا شي، لا ذخيرة ولا أكل، لأيمت بدنا نصبر هالجنود كلنا كم واح)
نظر علي له بابتسامته اليائسة وهو يردد، (لا رح يجي دعم،نحنا الجيش السوري نحنا رح نقضي عالإرهاب، ما رح يقدرولنا، نحنا جنود بشار، نحنا الأسود، كان يقهقه عاليا كالمجنون، ثم انهار على الأرض باكيا، وهو يرتجف، ويقول، معقولة هي جزاء وطنيتنا، أنا الوطني أنا الوطني اللي قتلت الإرهابيين، ما بموت!!)
على بعد أمتار قليلة كان هتاف (الله أكبر يصدح عاليا ويقترب من الوطنيين!!!)
المركز الصحفي السوري – زهرة محمد