وقف إطلاق النار في سوريا ينطلق السبت مع استثناء ‘جبهة النصرة’ وتنظيم ‘داعش’.
تبحث أنقرة عن حلول تبقيها مسيطرة على خيوط اللعبة في سوريا، ولكن يبدو أن اللاعبين الدوليين البارزين في المشهد (واشنطن وموسكو) حسما أمرهما باتجاه السير فعليا في تسوية سياسية، قد لا تكون في صالح تركيا وهو ما يفسر حالة الارتباك التي تبدو عليها.
استبعد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الاثنين، خوض بلاده لعملية برية في سوريا. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه عن موعد لوقف الأعمال العدائية فجر السبت المقبل.
وقال أوغلو إن قيام تركيا والمملكة العربية السعودية بتدخل بري ليس مطروحا، مضيفا أن أي خطوة من هذا القبيل يجب أن تضم كل دول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وشدد وزير الخارجية التركي على أن “قيام عملية عسكرية تركية سعودية في سوريا، لم يكن يوما في أجنداتنا”.
وكانت أنقرة قد ألمحت خلال الفترة الماضية إلى إمكانية القيام بعملية عسكرية في سوريا ردا على التقدم الذي أحرزه النظام والأكراد في محافظة حلب الاستراتيجية.
واعتبر محللون آنذاك أن التلميحات التركية لا تعدو كونها مناورة للضغط على روسيا والأكراد من جهة وأيضا لإحراج الولايات المتحدة الأميركية التي اتسم موقفها منذ بداية الأزمة السورية بالتردد والارتباك، وعدم رغبتها في الانخراط بشكل أكبر في الصراع الذي قارب عامه الخامس.
وتلويح أنقرة بالقوة، لم يجد صداه المطلوب سواء كان لدى موسكو أو واشنطن اللتين اتفقتا على وقف لإطلاق النار، والذي من المرجح أن يجد طريقه للتنفيذ هذا الأسبوع.
وكشف بيان مشترك روسي أميركي، الاثنين، أن الاتفاق يدعو إلى وقف الأعمال العدائية في سوريا اعتبارا من 27 فبراير ويستثني الدولة الإسلامية وجبهة النصرة.
وبحسب نص الاتفاق فإن تنفيذ “وقف الأعمال العدائية” سيشهد عملا مشتركا من قبل الولايات المتحدة وروسيا من أجل تبادل المعلومات، كتحديد مناطق نشاط الجهات التي أشارت إلى التزامها وقبولها بوقف “الأعمال العدائية”، وتحديد نقاط تمركزها، ووضع الإجراءات اللازمة لمنع الأطراف المشاركة في “وقف الأعمال العدائية” من التعرض للهجوم من قبل القوات الروسية، وقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد “تنظيم الدولة”، وهجمات “الجمهورية العربية السورية” وغيرها من القوى الداعمة لها والأطراف الأخرى.
ويؤكد نص الاتفاق على أن العمليات العسكرية بما فيها القصف الجوي ستتواصل ضد “تنظيم الدولة” و“جبهة النصرة” بعد عمل مشترك روسي – أميركي بالإضافة إلى “أطراف أخرى” (لم يذكرها الاتفاق) يفضي إلى تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم، و“النصرة”، والمنظمات الإرهابية التي سيحددها مجلس الأمن. ويرى متابعون أنه وحتى التنفيذ الفعلي لهذا الاتفاق، فإن أنقرة ستعمل ضمن هذا الحيز الضيق على وقف اندفاعة الجيش السوري والأكراد بحلب خاصة.
وبدأت أنقرة التحرك خلال الأيام الماضية لتخفيف اندفاعة الطرفين عبر إعادة توزيع مقاتلي الفصائل الإسلامية الذين تدعمهم.
وتمكنت هذه الفصائل ليل الأحد/ الاثنين وبتحرك وتنسيق واضح مع تنظيم الدولة الإسلامية من قطع طريق استراتيجية تربط مناطق سيطرة الجيش السوري في محافظة حلب بمناطق سيطرته في سائر المحافظات السورية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن “مقاتلين من الحزب الإسلامي التركستاني وتنظيم جند الأقصى ومقاتلين من القوقاز تمكنوا بعد منتصف ليل الأحد/ الاثنين من قطع طريق خناصر حلب، بعد سيطرتهم على جزء من قرية رسم النفل الواقعة على الطريق إثر هجوم مفاجئ شنوه من غرب خناصر”.
وتزامن هجوم هذه الفصائل الجهادية، وفق المرصد، مع هجوم شنه تنظيم داعش على الطريق شمال خناصر، وتمكن خلاله من قطعها في مكان آخر.
وتقع طريق خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، وهي الطريق الوحيدة التي يمكن لعناصر الجيش السوري المتواجدة في غرب مدينة حلب ومناطق محيطة بها، سلكها للوصول من وسط البلاد إلى حلب (شمال).
وتنظيما جند الأقصى والحزب الإسلامي التركستاني يتمركزان أساسا في إدلب وجبل التركمان، وقد عبر المئات من عناصرهما في الفترة الأخيرة إلى تركيا ثم إلى حلب حتى يتجنبوا حواجز النظام وسلاح الجو الروسي.
ويرجح محللون عسكريون أن يستعيد النظام سيطرته على الطريق الحيوية، في ظل تكثيف الطيران الروسي لغاراته هناك.
العرب