المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد
إلى الطواغيت في كل زمان ومكان، إلى الطواغيت حكاماً وأمراء وقياصرة وأكاسرة وفراعنة وملوكاً، إلى علمائهم المضلين، إلى أوليائهم وجيوشهم وشرطتهم وأجهزة مخابراتهم وحرسهم، إلى هؤلاء جميعاً، نقول:(إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله) براء من قوانينكم ومناهجكم ودساتيركم ومبادئكم النتنة، براء من حكوماتكم ومحاكمكم وشعاراتكم وأعلامكم العفنة.
لم أجد وصفاً آخر لهذا “النظام” غير المجرم، فوحده المناسب، فقد ارتكب المذكور ما يطلق عليها القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية.
فكان يجب سوقه، أو على الأقل، المطالبة بسوقه إلى محكمة الجنايات الدولية، بدلاً من السكوت السافر عن جرائمه الموصوفة. لكن، وللأسف، سياسة الدول الّتي تتبعها من شجب واستنكار شيء، والقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان شيء آخر.
لقد ذكرت إحدى المعتقلات”21 عاماً” رفضت الإفصاح عن اسمها إن “رجال الأمن” لا يمتلكون أية مشاعر إنسانية، ولا يعرفون ما هي الرحمة، هؤلاء ليسوا بشراً على الإطلاق، يأتون إلى البيت فجأة ويختارون وقت النوم والراحة، يحاصرون البناء ويدخلون الدار كالإعصار، يتكلمون بألفاظ بشعة ولهجة مقززة يفتشون البيت وقد يقلبونه ويفسدون متاعه ويهينون ساكنيه، ثم يسحبون البنت بكل وحشية إلى سياراتهم ويمضون إلى المجهول تاركين أمها تبتهل وأبوها يتضرع وأخوها يساوم، وإن أصعب شيء في المعتقلات التعذيب النفسي، يأخذونك فلا تعرف إلى أين؟
وتترقب حذراً، كيف سيستدرجونك بالكلام وبأي الوسائل الوحشية سوف يستعينون عليك لتعترف؟
وفي غرفة التحقيق يستفردون بالفتاة، كلهم أعداء ووحوش آدمية، وهي بين يديهم وحيدة ضعيفة، فيضربون البنت على وجهها ويصفعونها بقسوة، ويدفعونها بغلظة فتقع أرضاً، فيدعسون عليها، ويركلونها كما تركل الكرة، يضربها كل داخل للغرفة وكل خارج، تخيلوا الصورة: فتاة نحيلة لا يزيد وزنها عن 49 كغ تتلقى ضربات من حذاء ضخم عسكري محصن ومقاسه لا يقل عن 43 ماذا ستفعل بجسمها تلك الركلات، وماذا ستفعل الجلافة بقلبها الصغير وبراءتها وجهلها بقسوة الحياة، وهل ستصمد تحت ثقل وزنهم حين يقفون فوق جسمها الناعم الطري ويضحكون ويضغطون بكل ثقلهم عليها (وأوزانهم قد تفوق المئة(.
وأضافت بقولها: كنت أضع جهاز تقويم على أسناني ومع كل كف يضربون به وجهي تخرج نافورات من الدم من مناطق مختلفة من لثتي وتكثر الجراح في فهمي وتلتهب، ولا يكترثون بل يزيدون في عذابي ويتحسسون جروحي ويتقصدون المكان الحساس المؤلم ليتابعوا الضرب عليه، لم أكن أرتضي البكاء وأراه ضعفاً ولكني بكيت، وبكيت كثيراً، عذبوني وضربوني بأسلاك الكهرباء حتى ما عدت أستطيع الوقوف على رجلي، وإن آثار التعذيب تبقى وتتجدد في سجونهم كل يوم، ومازالت باقية على ساقي فلما أرادوا الإفراج عني (بعد أشهر من الاعتقال) وجدوني عاجزة لا أستطيع الوقوف على قدمي من الألم والجراح والإعياء فتركوني مدة إضافية حتى استطعت المشي بصعوبة وبعرجة واضحة.
وقد كشفت إحصائية لتنسيقيات الثورة السورية تعرض 1500 فتاة سورية للاغتصاب بعد اعتقالهن في السجون والمعتقلات السورية.
وقالت الناشطة السورية في الأردن “أم زاهر” المسؤولة عن برنامج لرعاية مواطناتها اللائي تعرضن للاغتصاب أن هذه الحالات مثبتة وموثقة وتؤكد تعرض 1500 فتاة وسيدة سورية من مختلف الأعمار للاغتصاب داخل المعتقلات السورية.
وقد جرى مقابلة الضحايا من قبل منظمات حقوقية دولية وتم عمل ملفات لهن وإعطاؤهن أرقاما سرية تمهيدا لملاحقة النظام السوري ومن قاموا بهذا الفعل أمام العدالة الدولية.
ولكن ما فائدة كل ذلك، بعد أن تتعرض “الحرة الشريفة” للاغتصاب وتخرج من المعتقل إلى سجن من نوع آخر، لا تستطيع الخروج من البيت ومقابلة أحد، ولا تستطيع أن تعود إلى حياتها كما كانت في السابق.
وقد سجلت حالات كثيرة من “الانتحار أو الجنون وفقدان العقل” بعد خروجهن من المعتقل.
فمن لهؤلاء الضعيفات الأسيرات عند “نظام” لا يميز بين رجل أو امرأة، ولا يمتلك أي مبادئ أو قيم إنسانية.