قرّرت وزارة الخارجية الأميركية انهاء مساهمتها، البالغة 500 الف دولار سنويًا، في تمويل عمل هيئة العدالة والمحاسبة الدولية لتوثيق جرائم النظام السوري، من خلال دخول قواعد عسكرية مهجورة والتسلل إلى السجون ومؤسسات الدولة من دون علم النظام، لجمع أدلة تدين رئيس النظام السوري بشار الأسد وأركان حكمه، بارتكاب جرائم حرب وفظائع اخرى، منذ اندلاع الانتفاضة في العام 2011، كما افاد مسؤولون في الهيئة، وأكده مسؤول رفيع في الادارة الأميركية.
تقاطع مصالح
وأثار الموقف الأميركي قلقًا في اوساط المدافعين عن حقوق الانسان من أن الولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة تتراجع عن التزامها بمحاسبة رئيس النظام السوري، بسبب التقاء مصالحه ومصالح واشنطن في المعركة ضد داعش، كما قالت مجلة فورين بولسي، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية قدمت حتى الآن مليون دولار لهيئة العدالة والمحاسبة الدولية، التي تضم محققين دوليين يرسلون باحثين محليين ومحامين وطلابًا يدرسون القانون إلى مناطق يستطيعون فيها جمع واستخراج ملفات وأدلة، تساعد في توثيق اوامر وتوجيهات تجيز استخدام اساليب واسلحة محظورة، مثل البراميل المتفجرة وتجويع المدن المحاصرة وارتكاب جرائم قتل جماعي، رفعت حصيلة ضحايا النزاع إلى أكثر من 190 الف قتيل منذ آذار (مارس) 2011.
لا دعم
ونقلت مجلة فورين بولسي عن نيرما جيلاسيك، المتحدثة باسم هيئة العدالة والمحاسبة الدولية، قولها إن الهيئة بعد مفاوضات مكثفة أُبلغت أخيرًا بأنها لن تتلقى بعد الآن دعمًا ماليًا من مكتب الديمقراطية وحقوق الانسان والعمل التابع لوزارة الخارجية، من اجل مواصلة نشاطها في العام 2015.
واضافت أن الهيئة أُبلغت بأن التحقيقات الجنائية ليست من اولويات برنامج المكتب في العام 2015، مؤكدة أن أنشطة الهيئة في جمع الوثائق وتحليلها سيتوقف، وذلك يعني حرمانها من أدلة اساسية لبناء ملف دعوى جنائية في العام المقبل.
واشارت جيلاسيك إلى أن السفير الأميركي المتجول لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب لم يؤيد قرار وزارة الخارجية وقف التمويل، قائلة إن راب وفريقه كانوا يدعمون عمل هيئة العدالة والمحاسبة الدولية، لكنهم لا يتحكمون بالتمويل.
لا تحتاج إليه
أوضحت جيلاسيك أن عمل هيئة العدالة والمحاسبة الدولية يتميز عن عمل المنظمات الحقوقية الأخرى المعنية بالحرب الأهلية السورية، “فالهيئة هي المنظمة الوحيدة التي تجمع ملفات جاهزة لوضعها أمام المحققين وممثلي الادعاء العام، مع أدلة تشير إلى المسؤولة الجنائية لأركان النظام وافراد يتولون مناصب حساسة فيه”.
راب أكد أن وزارة الخارجية الأميركية أوقفت مساهمتها المالية في هذا العمل، لكنه أضاف: “هيئة العدالة والمحاسبة التي تتلقى دعمًا ماليًا يبلغ نحو 5 ملايين دولار سنويًا من بريطانيا والدنمارك والمانيا والنرويج وسويسرا أثبتت قدرتها على جمع ما يكفي من التمويل دون الحاجة إلى الدعم الأميركي”