أصدرت سلطات أمن النظام السوري، قرارا بإزالة الزجاج المعتّم “الفيميه” عن السيارات التي تجوب الشوارع في المناطق التي ضربتها التفجيرات في اللاذقية وطرطوس في الثالث والعشرين من الجاري.
علماً أن الشخصيات التي يسمح لها بوضع الزجاج المعتّم على سياراتها، هي في مجملها تابعة مباشرة أو بشكل غير مباشر، بشخصية في النظام أو أكثر.
وجاء القرار على خلفية التفجيرات التي ضربت الساحل السوري، واعتبار أن ثمة أشخاصاً قد تم تهريبهم في سيارات زجاجها معتّم “فيميه” لتنفيذ التفجيرات، ومن خلال الخط العسكري، والذي لا يسمح لأحد فيه بالعبور إلا لو كان يحمل رخصة من النظام بذلك.
فصدر قرار بمنع العمل بالرخص التي تسهل العبور دون تفتيش على الخط العسكري، والتي كان يستخدمها جميعها أشخاص مرتبطون بالنظام على أكثر من مستوى.
أربعة مداخل لا يمكن لذبابة أن تعبر منها إلا بعلم النظام
وتداولت صفحات موالية لرئيس النظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، ترحيبا كبيرا بإزالة “الفيميه” عن السيارات.
وسرت أنباء عن دخول منفذي التفجيرات من مناطق حدودية.
إلا أن رد فعل أبناء المنطقة ازداد تعجباً بعد الإشارة إلى المناطق الحدودية وما فيها من نقاط أمنية متعددة لا يمكن حصرها، تضاف إلى كيفية تمكّن المنفذين عبور عشرات النقاط العسكرية المنتشرة في المداخل الأربعة لجبلة، مثلا، وهو الشمالي العابر للقرداحة ومطار “حميميم” العسكري والكلية البحرية، والجنوبي الذي يعبر بانياس ومحطة تكرير نفطها، ثم الشرقي الذي تتوزعه بالكامل قرى وبلدات موالية 100% وتعتبر البيئة الحاضنة لنظام الأسد، ثم البحري الغربي الذي يستحيل أن تعبر منه “ذبابة” بحسب وصف البعض.
إلا أن الملاحظ، بحسب متابعين، هو الصمت الذي حل على المنطقة التي ضربتها التفجيرات في “جبلة” وكذلك انكماش حركة العبور داخل المدينة مما أثر حتى على مجالس العزاء التي أقامها ذوو القتلى، فبدت في معظمها شبه خالية من المعزين، أو يقام بعضها في أمكنة مغلقة بعيدة عن حركة تنقل المواطنين.
الفيميه لإخفاء مُحْدَثي النعمة ومهربي السلاح والمخدّرات
إزالة “الفيميه” عن السيارات، قابله رد فعل ساخر ومشكك، بالإضافة إلى رد فعل الترحيب. فرد الفعل المشكك أشار إلى أن هذا الزجاج المعتّم لا يخفي وراءه إلا “تجار أزمة، أو محدثي نعمة، أو مهربي مخدرات، مهربي سلاح، أمراء حرب، وبعض المتنفذين الذين يمارسون عقدهم النفسية”. تبعاً لما جاء في صفحة “سوريا فساد في زمن الإصلاح” الفيسبوكية الموالية.
ردود أفعال أخرى صبّت في الاتجاه نفسه، معتبرة أن قصة إزالة الفيميه من السيارات هو “اختباء وراء الإصبع” فقط محاولة من أصحابه تجاهل السبب الحقيقي والذي عرّفته صفحة “شبكة أخبار الساحل السوري” الفيسبوكية الموالية بأنه “غياب للدولة والقانون” وليس قصة فيميه يزال أو يعاد تركيبه من جديد.
وتشير الأنباء إلى أن نظام الأسد حاول استغلال التفجيرات التي ضربت بيئته الحاضنة، لدفع مزيد من الشبان هناك للالتحاق بجيشه بعد النقص الكبير الذي عانى منه في الفترة الأخيرة، حتى إن تحليلات معارضة للنظام ربطت مابين تفجيرات الساحل، وخسارة الأسد لعدد كبير من عناصره في معارك الريف الشمالي للاذقية، في الفترة التي سبقت التفجير.
يشار إلى أن الأجهزة الأمنية لنظام الأسد، كانت قد قامت بوضع ما يعرف بـ”حواجز طيّارة” في محافظة اللاذقية، لاعتقال وسوق الشبان إلى الخدمة الإلزامية في جيش الأسد، وذلك قبل حصول التفجيرات بأيام.
وكان موقع “العربية.نت” قد نقل خبراً عن تلك الظاهرة بعنوان “الأسد يتربص برواد المقاهي لتعويض نقص جنوده” بتاريخ 15 من الجاري، أي قبل حصول التفجيرات بثمانية أيام فقط.
وزير أوقاف الأسد معزّياً في طرطوس وجبلة
وقد حاول النظام استرضاء أبناء المنطقة التي ضربتها التفجيرات في طرطوس وجبلة، فأرسل إليهم وزير أوقافه محمد عبدالستار السيد، ومفتي دمشق ومستشار مفتيه العام وشخصيات دينية من مختلف المحافظات السورية.
فخطب السيد في جامع “علي بن أبي طالب” في طرطوس وتقدم بالعزاء إلى ذوي القتلى.
مع الإشارة إلى أن عدد الحاضرين في خطبته تلك كان كبيراً، وكان وزير الأوقاف منفعلاً وغاضباً بشكل واضح.
علماً أن قصفاً ضرب مستشفى بحي السكري أواخر نيسان الفائت، في مدينة حلب، كان أوقع عشرات القتلى وبينهم أطباء وممرضون، دفعة واحدة، إلا أنه “لم يرشح عنه مثل ذلك الانفعال الذي بدا عليه” في خطبة طرطوس، كما قال تعليق فيسبوكي ختم بأن “النفاق على حساب دماء السوريين” وصل إلى حد التعامل معهم “قتيل خمس نجوم، وقتيل بربع نجمة برعاية وزارة أوقاف الأسد”.
العربية نت