دخلت مرحلة الأزمة الخليجية “والتي تتمثل في محاولة السعودية والإمارات وغيرهم من دول عربية بعزل قطر، وذلك بتوجيه من أمريكا وحلفائها” أسبوعها الثاني. مع مرور الوقت بدأت خفايا هذه الأزمة بالظهور. من المؤكد أنه هناك أسباب غير معروفة ومجهولة، بقدر الأسباب المعروفة. السبب الرئيس للأزمة ليس الإرهاب أو علاقات قطر مع إيران.
إذا كانت المشكلة هي الإرهاب، فإن قطر ليست مذنبة، إنما المذنب الأساس هي الدول الإمبريالية وعلى رأسها أمريكا وألمانيا. وذلك لكون تلك الدول هي التي تحمي أكبر المنظمات الإرهابية في العالم، مثل “بي كي كي، حزب الاتحاد الديمقراطي، وحدات الحماية الشعبية، التنظيم الموازي وجبهة حزب التحرر الشعبي الثوري” وتقوم بتوجيهها، ذلك فضلاً عن تسليحها واستغلالها في مصالحها الشخصية. كانت علاقات هذه الدول مع المنظمات الإرهابية سرية مسبقاً، إلا أنها أصبحت علنية وشبه رسمية في الوضع الراهن.
توجه قطر الدعم لجميع الحركات التي تتبنى سياسة ممارسة الطرق الديمقراطية للوصول إلى السلطة بدلاً من استخدام السلاح في ذلك. المثال الأول على ذلك هو دعمها لحركة الأخوان المسلمين التي وصلت إلى السلطة بدعم من الشعب في مصر، ثم أطيح بها لاحقاً بسبب دعم الدول الإمبريالية للحركة الانقلابية. أما المثال الثاني فهو دعمها لحركة حماس الرائدة بين حركات نضال التحرر الشعبي في فلسطين. إضافةً إلى أنها وجهت دعمها للشعوب خلال الربيع العربي للتخلص من الديكتاتوريين العرب الذين كانوا دمىً في يد الدول الإمبريالية. لذلك إن تهمة “دعم المنظمات الإرهابية” عبارة عن أكاذيب وأعذار لتبرير ما قامت به هذه الدول مؤخراً.
قطر ليست المذنبة، إنما المذنبون هم أمريكا وشركاؤها والديكتاتوريون العرب المتحالفون معهم.
أما بالنسبة إلى اتهام قطر بوجود علاقات وثيقة بينها وبين إيران:
هناك علاقات تجارية بين دول الخليج الأخرى “خاصة الإمارات والبحرين” وإيران على المستوى الدولي أقوى بكثير من العلاقات الموجودة بين قطر وإيران. إضافةً إلى أن أمريكا أو السعودية ليست مراكز الموافقة على العلاقات الدولية.
السبب الرئيسي في أزمة الخليج ليس دعم الإرهاب أو علاقات قطر مع إيران، إنما السبب هو قلق أمريكا بشأن المال وخوف السعودية من إيران والأخوان المسلمين.
استهدف ترامب قطر بدلاً من السعودية بعد أن كانت الاخيرة هدفه الرئيسي خلال فترة الانتخابات. إذ اتهم السعودية بدعم الإرهاب نظراً إلى حمل معظم مرتكبي هجوم برجي التجارة في أمريكا للجنسية السعودية.
إن أكبر الأعذار والحجج التي وضعتها أمريكا خلال سياسة الاستغلال التي مارستها تجاه المنطقة هي “دعم المنظمات الإرهابية”.
حاولت إضفاء الشرعية على الهجمات والاحتلالات التي نفذتها إلى الآن من خلال تقديم هذه الحجج. إلا أنها قامت بتغيير طريقتها الآن واعتمدت سياسة جديدة وهي استخدام البيادق في تنفيذ هجماتها.
الهدف الجديد هو الحصول على الأرباح الجديدة بأقل الخسائر والتكاليف بدلاً من الخسائر الكبيرة المتمثلة بالجنود والأموال. وهذا ما يفعله الرئيس ترمب. يحاول الاستيلاء على أموال قطر، أصغر ولكن أغنى دولة عربية، بالتعاون مع السعودية والإمارات. المال هو السبب الرئيسي في قيام ترمب بأول زيارة سياسية له إلى السعودية.
زرع الفتنة، توليد الأزمات السياسية واستخدام سياسة الترهيب لبيع السلاح ذرائع تستخدمها أمريكا. أمريكا تستخدم إيران على أنها القوة المخيفة، وهذا هو السبب في غض النظر عن الميليشيات والجنود التي قامت إيران بإرسالها إلى سوريا والعراق ولبنان. كما أجبر الخوف من إيران والأخوان المسلمين الحكومة السعودية على شراء سلاح بقيمة 110 مليار دولار من أمريكا.
الآن حان دور قطر. تجارة السلاح هي ستارة المسألة، الواقع هو أن دول الخليج تُجبر على دفع النفقة لأمريكا.
خدعت أمريكا صدام حسين وخانته، إذ دفعه إلى احتلال الكويت بسبب رفضها دفع النفقة. ثم أعدم صدام وتقسم العراق وقاموا بنهب واستغلال ثرواته وطاقاته. وتم قبول الكويت على أنها أحد أملاك ملكة إنجيلترا. كما حكم عليها بدفع الجزية لأمريكا أيضاً.
في الوقت الراهن، يتم من قبل السعودية والإمارات الضغط على قطر التي رفضت دفع الجزية لأمريكا.
وستضطر قطر في المرحلة المقبلة على اختيار أحد الخيارين.
باختصار الولايات المتحدة الأمريكية تجمع الجزية من الدول العربية، والعالم بأسره منشغل بالحجج والذرائع التي تُجمع بموجبها تلك النفقات.
ترك برس