“اليوم دورنا بالمي، صرلنا 25 يوم ماشفناها، انشالله تجي مع جية الكهربا، وما نضطر نشغل المولدة انعبي الخزان”، يعيش السوريون حياة شبه خالية من الخدمات الرئيسة التي على الدولة تأمينها لهم وفي مقدمتها الماء والكهرباء، ورغم ذلك تأقلموا مع الوضع الراهن وتعايشوا معه، وتحملوا أعباء مادية وجسدية تفوق طاقتهم في سبيل البقاء في بلدهم بعيدا عن ذل المخيمات ودول اللجوء التي بدورها بدأت بالتذمر من وجود اللاجئين واتخاذها تدابير جديدة للحد من تدفقهم.
ويواجه أهالي المناطق المحررة شمال سوريا أزمة حقيقية في تأمين المياه لتغطية حاجاتهم اليومية، ولعل مدينة ادلب من أكثر المناطق التي يعاني سكانها الأمرين في وصول المياه لمنازلهم، فبعد تحرير المدينة تم بالاتفاق مع النظام إيصال خط كهرباء نظامي من ريف حماه بكميات قليلة لتشغيل الخطوط الإنسانية وهي محطة ضخ المياه والأفران والمشافي والنقاط الطبية، إلا أن هذا الخط كان عرضة للاستهداف والأعطال المتكررة، ولم تستفد منه المدينة والريف المجاور سوى لبضعة أشهر غير متواصلة، ولم تستطع ورش الإصلاح في شركة الكهرباء من الوصول لمكان الأعطال بسبب الاشتباكات بين قوات النظام والثوار في تلك المناطق.
ونظرا لذلك اعتمدت مديرية المياه الحرة على مولدات الضخ وتكفلت إحدى المنظمات الإنسانية بتأمين نفقات الوقود، إلا أنه وبسبب ارتفاع ثمن المازوت رفعت المنظمة الدعم عن المحطة، وبات موضوع المياه يشكل معضلة حقيقية، فالمياه تحتاج لتصل لجميع الأحياء ضخا متواصلا لمدة ثلاثة أيام دون انقطاع، ويتطلب كميات هائلة من الوقود وذلك ما يعجز عنه القائمون على المحطة، فقاموا بعمل جدول يومي للأحياء السكنية وضخها لمدة ساعات قليلة بحسب الإمكانيات المتوفرة لديهم، فقد يتطلب الأمر انقطاعا لبعض الأحياء لمدة تتراوح بين 20 يوما إلى شهر تقريبا، الأمر الذي أثقل كاهل الأهالي ورتب عليهم نفقات إضافية من صهاريج ومولدات لتشغيل المضخات المنزلية “السنترفيش” لتصل إلى منازلهم.
تروي لنا أم خالد من مدينة ادلب معاناتها مع الماء:” منزلي في السوق، وخط مياه السوق قديم وسيء جدا لا نرى الماء إلا في الصهاريج، وثمن تعبئة كل 1000 لتر من الماء 1500 ليرة، وبذلك نحتاج شهريا لما يقارب 6 آلاف ليرة، من أين نشتري الصبر ألا يكفينا ظلم وطغيان طائرات النظام وروسيا التي لا تفارق سماءنا، وللأسف حتى الآن لم تقم إدارة المدينة بوضع حلول أو بذل جهود لتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين، إلى الله المشتكى”.
يبقى المواطن المتضرر الأكبر من هذه الحرب، وبالأخص الطبقة الفقيرة التي صمدت وتحملت هموما وأوجاعا في ظل نظام لا يرحم، فما ذنب سكان المناطق المحررة ليحرموا من أبسط حقوقهم ألا وهو الأمان، أم أن الانتقام من صفاته التي يصعب التخلي عنها؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد