اعتبر الدبلوماسي الروسي المخضرم، ألكسندر أكسيونيونوك، أن التحديات الحقيقية للنظام السوري على المدى القصير تكمن في الاقتصاد، وليس في التهديد “الإرهابي”.
وأوضح أكسيونيونوك الذي عمل في سوريا في عهد الرئيس السابق، حافظ الأسد، في مقال نشر، اليوم، الثلاثاء 21 من نيسان، في موقع “Kommersant” الروسي أن بين عامي 2011 و2018، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في سوريا بنحو الثلثين (أي من 55 مليار دولار إلى 20 مليار دولار سنويًا).
ولفت الخبير الاقتصادي، بحسب ما ترجمت عنب بلدي، إلى أن تراجع الاقتصاد في سوريا تسبب في جعل 80% من السوريين تحت خط الفقر، مشيرًا إلى أن سوريا تعاني من نقص المتخصصين المؤهلين، وهو ما تسبب في ظهور مشاكل جديدة، وفق قوله.
وأشار أكسيونيونوك إلى العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام السوري، مؤكدًا أن قانون “قيصر” الذي وقعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في كانون الأول 2019، ينص على فرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية التي ستطال البنوك إضافة إلى مصرف سوريا المركزي.
في سياق متصل، اعتبر الخبير الاقتصادي أن البنوك اللبنانية لعبت دورًا مهمًا في الاقتصاد السوري، لأنها وفق وصفه تمثل “بوابة العالم الخارجي” لسوريا، موضحًا أن نحو ربع الودائع في البنوك اللبنانية مملوكة لشركات سورية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالحكومة.
وقال إن فرض قيود على العملة في لبنان أدى إلى إبطاء واردات السلع الأساسية، بما في ذلك شراء القمح، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، واستمرار الليرة السورية في الانخفاض.
وأضاف أن من بين المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية السورية وتسبب الاضطرابات الاجتماعية، هو تفشي فيروس “كورونا” (كوفيد- 19)، موضحًا أن نظام الرعاية الصحية في سوريا يواجه خللًا بسبب سنوات الحرب.
النظام والحل العسكري
في هذا الإطار ربط أكسيونيونوك بين الواقع الاقتصادي والعمليات العسكرية في سوريا.
وقال إنه لا يمكن أن يكون الواقع العسكري مستدامًا من دون إعادة البناء الاقتصادي وبناء نظام سياسي يأتي نتيجة لتسوية دولية.
وأضاف أن هذا الأمر مهم لأنه لا يوجد الكثير من الوقت المتبقي حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2021.
وأكد أن النظام في دمشق لا يميل إلى إظهار والمرونة، حيث لا يزال يعتمد على حل عسكري بدعم من حلفائه، إذ يتلقى مساعدة مالية واقتصادية غير مشروطة.
اقتصاد الحرب
اعتبر أكسيونيونوك أنه مع تراجع حدة “النزاع السوري” لم يعد بإمكان سلطة النظام إقامة نظام حكومي يوفر الظروف للانتقال من “اقتصاد الحرب” إلى العلاقات التجارية والاقتصادية العادية أكثر فأكثر.
وقال إن مناطق النظام تحكم بـ”قوانين خاصة” لصالح سلسلة من الرتب العالية في الجيش والوسطاء التجاريين ورجال الأعمال الموالين للحكومة.
وأوضح أكسيو نيونوك أنه على مدى سنوات الحرب تشكلت “مراكز النفوذ” وهياكل الظل غير المهتمة بالانتقال إلى التنمية السلمية، على الرغم من وجود طلب للإصلاح في المجتمع السوري، وفق قوله.
ونتيجة لذلك، يرى أكسيو نيونوك، أن شروط تنفيذ مشاريع واسعة النطاق لإعادة إعمار سوريا بعد الحرب غائبة عمليًا، معتبرًا أن هذه المهمة مستحيلة أمام رغبة سلطات دمشق.
نقلا عن عنب بلدي