في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام في عهد حكومة الأسد خلال سنوات الثورة السورية، بات على المواطنين العمل ليل نهار وفي أكثر من وظيفة مقابل تأمين مستلزمات الحياة اليومية وسط الغلاء الفاحش في الأسعار.
يحكي محمد “اسم مستعار” المنحدر من محافظة طرطوس على الساحل السوري، بصوته الحزين والذي يغلب عليه اليأس والأسى على حاله، وما وصل إليه وعمره الضائع في ريعان الشباب على ساعات عمل شاقة لا تكاد تعينه على مصاريفه اليومية.
يقول محمد “تخرجت من كلية التمريض منذ عدة سنوات، في دراسة عانيت فيها الكثير من تكاليف وجهد دراسي، طامحاً في الحصول على وظيفة مرموقة في إحدى المستشفيات، لكن لم يكن الواقع متماشياً مع الحلم، فبعد تخرجي عانيت كثيراً في البحث عن فرصة عمل، وعندما وجدتها كان التعب كل ما أجنيه، ومرتبي لا يكفي لتكاليف المواصلات”.
وعند سؤاله، كم هي ساعات عملك يومياً، وكم تتقاضى مقابل ذلك العمل، ضحك محمد ضحكةً باردةً وقال: “أعمل ما يقارب العشرين ساعة يومياً، حيث أناوب في عدة مستشفيات، ومما هو معروف فإن الدوام في المستشفى مجهد ومتعب، ولكن الرواتب لا تتلاءم مع ذلك التعب، حيث أن مرتبي في تلك المستشفيات إذا جمع لا يساوي المئة دولار أمريكي”.
اضطر محمد حامل شهادة التمريض من إحدى جامعات النظام أن يترك عمل المستشفيات مؤخراً عدا إحداها، وذلك بعد الجهد الكبير الذي قام به خلال الأشهر الفائتة، وأن يلتفت إلى عمله الخاص “رغم أنني أحمل شهادة تمريض، إلا أنني اضطررت مؤخراً للبحث عن عمل آخر، فاضطررت أن أفتح بسطةً لبيع الخضار والفاكهة، فبيع الخضار بات أكثر مدخولاً من العمل في التمريض والمستشفيات”.
وتابع حديثه فقال :”العمل هنا بالكاد يكفي لأن نأكل، وأن نلبي احتياجات عوائلنا بالتدريج، أما أن أملك منزلي الخاص أو أن أُكون أسرةً وأتزوج فهاذا حلمٌ صعب المنال، وبات أشبه بالمستحيل، خاصةً مع ارتفاع الأسعار وغلاء المهور، وتؤثر تلك الضائقة الاقتصادية بشكل كبير على نفسية الناس، ويدفعهم إلى حد الجنون”.
في الحديث عن العمل مع المنظمات كمنظمة الهلال الأحمر والجمعيات الأخرى التي تعمل في مناطق سيطرة النظام، قال محمد “تحتاج واسطةً قوية جداً للعمل مع إحدى تلك الجمعيات والمنظمات، رغم أن رواتبها الشهرية ضئيلةً نوعاً ما ولا تتجاوز المئة دولار شهرياً، لكن العمل فيها يأت بمعجزة إلهية أو واسطة قوية جداً”.
الجدير ذكره أن عموم المناطق السورية تشهد مؤخراً موجة غلاء كبيرة في الأسعار، مع انهيار الليرة السورية ووصولها إلى 3 آلاف و 920 ليرة للدولار الواحد في أسعار صرف يوم أمس الخميس، بينما كشفت تقارير أممية أن ثلاثة من بين كل خمسة سوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بعد الارتفاع المستمر في الأسعار.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع