“براعم قطفت الحرب أحلامها وسرقتها، لتأخذها رياح الحرية والكرامة إلى رحلة التشرد والنزوح”، لم يكن أحد يعلم في بداية الثورة في سوريا أن أبسط مطالبهم التي خرجو لاسترجاعها بعد حرمانهم منها لعقود، سوف ترمي بمستقبل الكثير من أطفال سوريا إلى دوامة الضياع
2,9 مليون طفل سوري خارج مدارسهم وهم تحت عمر ال 14 عاما، أيادي ناعمة كثيرة أرغمت على تلويثها بقذارة أعمال الحياة المختلفة وهجرها لمدارسها، حيث اتجه العديد من الاطفال إلى الاعمال الحرة من صناعة وزراعة
فقد قامت منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في أواخر العام الماضي بتقرير حول وضع الاطفال المتدهور جراء الحرب وذكرت في مضمونه أن 4 من كل 5 أطفال سوريين في لبنان يعانون من الفقر، وثلاثة أرباع الأطفال النازحين في الدول المجاورة يعملون لتأمين قوت عائلاتهم،. حيث لا يستطيع الأهل تغطية كافة الاحتياجات الاساسية للعيش، وذلك بسبب ارتفاع أسعار أجارات البيوت والماء والكهرباء، مما يجبرهم على دفع أطفالهم للعمل لمساعدتهم في تأمين الدخل. كما سجلت أيضا تعرض 22% من الأطفال العاملين في الزراعة إلى إصابات عمل، و 75% من الأطفال العاملين بالمهن الحرة في مخيم الزعتري في شمال الأردن يعانون من مشاكل صحية، ويفيد التقرير بأن أعداداً متزايدة من الأطفال تعمل في ظروف عمل خطرة، مما يعرض صحتهم الجسدية والنفسية الى ضرر حقيقي.
تحدثت المشرفة النفسية لمنظمة اليونسيف في لبنان :”أن عمالة الأطفال أثرت بشكل سلبي على الوضع التعليمي لمعظم الأطفال، حيث من كل 10 أطفال محرومون من التعليم، الأمر الذي يعرض الأجيال القادمة لموجة الجهل التي ستوقع بمستقبل العديد منهم،والتي يتزايد مدّها مع استمرار آلة الحرب وتدمير المدارس، حيث أشارت الشبكة السورية لحقوق الانسان إلى تدمير 4017 مدرسة من خلال الاستهداف العشوائي أو المتعمّد لقوات النظام لها منذ يداية الحرب في سوريا.
وأشار التقرير السابق إلى أن الأطفال السوريين يتعرضون بشكل متزايد لمحاولات التجنيد من قبل المجموعات المسلحة، حيث وثقت الأمم المتحدة 278 حالة مؤكدة لأطفال بسن ثماني سنوات من أواخر عام 2014 حتى شهر سبتمبر 2015 تم تجنيدهم لدعم القتال، بعضهم في معارك فعلية وآخرون للعمل كمرشدين أو حراس أو مهربي سلاح، ويفيد التقرير بأن الأطفال الذين يتم تجنيدهم يحققون دخلا شهريا يقارب 400 دولار
يقول سامر (14 عاما) أنه عمل في تصليح السيارات، لكن ما كان يحصل عليه لا يكفي لدفع أجار البيت، فهو المعيل الوحيد لعائلته بعد وفاة والده بسبب برميل سقط على منزلهم في منطقة الشعار في مدينة حلب، ماأدى إلى دماره بشكل كامل وهجره، فانتهى بهم المطاف في مدينة غازي عنتاب التركية، وبعد ثلاثة أشهر انضم سامر إلى الفصائل المعارضة لشدة حاجته إلى المال من أجل إجراء عملية جراحية مستعجلة لأخته التي أصيبت في ظهرها عندما قُصف منزلهم، فقد خسروا أخته الصغرى لعدم تمكنهم من إجراء جراحة في رأسها واستخراج الشظايا منه
فبحسب الشبكة السورية لحقوق الانسان إن 2592 طفلا استشهدو في عام 2015، 582 منهم بفعل البراميل المتفجرة، و87 طفلا بفعل قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، حيث يستشهد وسطيا عشرة أطفال بشكل يومي في سوريا
وأشار التقرير الذي قامت به الأمم المتحدة عن أطفال سوريا تفاصيل اعتقال قوات النظام أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 11 سنة، لارتباطهم المزعوم بالجماعات المسلحة، خلال حملات اعتقال واسعة النطاق، مشيراً إلى أن “الأطفال تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب، لانتزاع الاعترافات منهم، أو إذلالهم، أو من أجل الضغط على أحد الأقارب للاستسلام أو الاعتراف.”
كما حذر من أن “الأطفال تعرضوا لمستوى مرتفع من الشعور بالبؤس، نظراً لمشاهدتهم مقتل وإصابة أفراد أسرهم وأقرانهم ، أو تعرضهم للانفصال عن أسرهم أو تشردهم. ” وأورد التقرير شهادة صبي يبلغ من العمر 16 عاماً ، قال إنه شهد صديقه البالغ من العمر 14 عاماً ، يتعرض لاعتداءات جنسية ومن ثم قتل، كما تحدث الصبي نفسه عن “حالات قليلة لفتيات تعرضن للاغتصاب”.
من سيداوي ذاكرة من بقي من أطفال ؟ ومن سيعيد لهم ألعابهم البريئة التي استبدلوها بألعاب كالأسلحة من وحي الواقع الذي يعيشون فيه، من الذي سيمحي من ذاكرتهم تلك الصور التي حفرت فيها من قصف وقتل ودمار لكل ما هو جميل في نظرهم!.
المركز الصحفي السوري ـ يارا زيتون