ما تزال المرأة السورية تدفع ضريبة الحرب التي تعيشها بلادها منذ خمس سنوات، فقد انخرطت بأحداثها وأثرت في حياتها على المستويات كافة؛ فبعيدا عن الموت والقتل والاعتقال، عاشت المرأة آلاما من نوع آخر كفقدان الابن والزوج والأب والأخ، وتحملت فقر الحال والبطالة وغياب المعيل.
أم الشهيدين “قيس وورد” كانت مثالا للمرأة السورية التي قدمت أثمن ما عندها أخذت منها الحرب طفليها في مجزرة قام بها نظام الأسد على مدينة إدلب ظهر يوم الجمعة “14” من مايو كانت مجزرة مروعة بحق المدنيين العزل، راح ضحيتها عشرون شهيد وعشرات الجرحى أغلبهم كانوا في حالة خطرة.
جسدها النحيل لم يعد يقوى على مقاومة الآهات التي سكنت قلبها الملوع فارق قلبها طفليها البريئين “خرجا من المنزل لملاقاة عمتهم القادمة لزيارتهم لكن صاروخ الموت كان الأسبق لهما أخذهما مني قطعة حرق كبد بتربيتهم ورؤيتهم بهذا السن ليعود إلي بهم أشلاء لم أعرفهم إلا من خلال ثيابهم “.
بلغ عدد الشهداء من الذكور الأطفال 4081 شهيدا ومن الإناث الأطفال 1793 شهيدا. حسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا يستمر سقوط الشهداء من الأطفال مع استمرار قوات النظام باستخدام أبشع أنواع الأسلحة في حربها ضد السوريين وثورتهم منذ أكثر من خمس سنوات.
أكملت أم قيس حديثها والدموع أغرقت عينيها المليئتين بالحزن على قطع من قلبها “قبل ما يطلعوا من البيت حممتهم ولبستن تياب نضيفة وآخر كلمات نطقها قيس قبل ما يطلع ماما عمليلنا بطاطا بفروج بس أرجع بدي أكل منها لأن جوعان كتير ” كلمات تركت صدى وحرقت قلوب الموجودين.
أطفال سورية يدفعون ثمن حرب آبائهم غالياً. عشرات الآلاف منهم قُتلوا ونحو مليون هُجّروا، ومن تبقى منهم في الوطن ينتظرهم مستقبل مجهول وغير واعد، لأن الحرب السورية التي زادت عن خمس سنوات، وما زالت مستمرة، خرّبـــت أرواح أطفال كثيرين منهم وتركت آثارها السلبية عميـــقة في دواخلهم.
مسكت أم قيس الصور بيدها وبدأت تتحدث معها كلمات توحى لك بأنها فقدت صوابها تتحدث للصور، ويبدو أنها كانت تتحدث مع أطفالها وهم أمامها “ماما لا تزعل بكرا بنزلك البسكليت تلعب فيه بالشارع بس بتوعدني ما تبعد ولا تنزل ع الشارع.. تفقنا ياحبيبي؟” بين الحنين والحزن أورقت حروف من معاناة السوريين.
وجاء في التقرير الذي أُعدَّ لمناسبة دخول الحرب عامها السادس «تقدّر يونيسيف أنَّ ما مجموعه 8.4 ملايين طفل، أي أكثر من 80 في المئة من الأطفال في سوريا، تأثّروا بسبب النزاع، سواء في داخل البلاد أو لاجئين في الدول المجاورة»، بينما يعيش حوالي سبعة ملايين طفل داخل سوريا في حالة فقر.
أنهت أم قيس حديثها بحروف انبثق منها شعاع الأمل رغم الوجع “اللهم آجرني في مصيبتي وكن معي عونا لتجاوز محنتي فأنا لست الأم الوحيدة التي فقدت فلذات كبدها، فهناك الكثير من النساء السوريات اللاتي يستحقن ألف تحية وإجلال لصمودهن ومثابرتهن في تربية أبنائهن رغم الحرب.
ألقت الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في سوريا بظلالها الثقيلة على المدنيين، ونال الأطفال الحصة الأكبر منها، عبر آثار سلبية على تفاصيل حياتهم اليومية، تولدت عنها مشاكل اجتماعية ونفسية، ربما لن تفارقهم، حتى بعد نهاية الحرب في سوريا
آلاف الأطفال السوريين في الداخل ودول اللجوء خبروا الحرب، وتشكلت لديهم ذاكرة لن تمحى بسهولة حول الدمار والدم والقتل.
المركز الصحفي السوري
رشا مرهف